فضاء حر

الكوارث الطبيعية مابين المباغتة والإنقضاض والترصد والإحتراز

يمنات

م. خلدون العامري

(1)

كوارث السيول والفيضانات تتضاعف بفعل ممارسات شيطانية

أحدثت السيول والفيضانات الناتجة عن تساقط الأمطار الغزيرة منذ بدء الموسم في عدد من محافظات الجمهورية خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وألحقت أضرار جسيمة في البنية التحتية المتهالكة، خصوصاً في الطرق، والكهرباء، والصرف الصحي، وشبكات المياه،، وبحسب تقديرات أولية لمهندسون إنشائيون وخبراء اقتصاديون محليون فقد بلغت خسائر وأضرار البنى التحتية والقطاع التجاري المباشرة وغير المباشرة وممتلكات المواطنين في المحافظات المتضررة (عدن، صنعاء، ومارب) نحو مليار و600 مليون دولار، والتي من المرجح أن ترتفع الكلفة بعد إجراء مسح وحصر شامل.
 
————————————
فيما تنبئ السيول والفيضانات بكوارث بيئية، جراء طفح الصرف الصحي واختلاطها بالنفايات وتكوّن البرك والمستنقعات، التي يمتد بعظها لأكثر من 100 متر داخل أحياء المدن المتضررة. وهذا ماستناوله في الحلقات القادمة.

====================

وبما أن الفيضانات والسيول كوارث طبيعية يصعب منع حدوثها؛ إلا أن هناك إجراءات وقائية يجب اتخذاها للتخفيف من الأضرار المادية والبشرية.

بينما الحاصل في اليمن هو العكس تماما؛ فمن خلال اجتياح السيول للأحياء السكنية ومخيمات النازحين والأسواق التجارية اتضح أن الكارثة تضاعفت بفعل ممارسات شيطانية تمت على الواقع أبرزها :1- غياب التدابير الوقائية، رغم حصول كوارث متعددة في نفس الأماكن أو في أماكن أخرى وفي ظروف مشابهة.
 
2- استحداث أحياء سكنية ومرافق خدمية في مجاري الأودية. مثل (صنعاء عدن مأرب)

3- توطين النازحين واقامة المخيمات وتجميعهم في أماكن الخطر . مثل (مخيمات النازحين في مأرب).

4- تعطيل جزء من قنوات التصريف داخل المدن وسد مجرى السيول إما بالكتل الخرسانية الضخمة في بعض الشوارع -الحواجز الأمنية- كماهو في عدن، أو باستخدامها متارس ومكب للنفايات كماهو حاصل في تعز.

5- تدمير البنى التحتية بسبب عدوان الخارج وحروب الداخل على مدى 6 سنوات متتالية خصوصا في قطاع الطرقات حيث تم تدمير عدد من العبارات، والجسور .

6- اهمال الصيانة خصوصا في قطاعي الصرف الصحي ، والطرق.
في الوقت الذي تعاني شبكة الصرف الصحي من تهالك وتلف بسبب غياب أعمال الصيانة منذ سنوات، كما هو حاصل في العاصمة صنعاء التي تعيش منذ سنوات مشاكل انسداد الشبكة العامة للصرف الصحي.

كذلك هو الحال في الطرقات فغياب الصيانة والإهمال تسببتا بتآكل وتجريف مساحات واسعة من الاسلفت في الطرق الرئيسة والفرعية والتي أدت إلى تحويل مجارى السيول نحو كل من الأراضي والمساحات الزراعية في الريف، ونحو الأحياء السكنية، والمحلات والمستودعات التجارية في المدن.
 
————————————
وبعد أن تطرقنا للأسباب التي ضاعفت حجم الكارثة نستعرض في لمحة سريعة ماحدث في المحافظات والمدن المتضررة، منذ أواخر مارس الماضي وحتى الآن:

– العاصمة عدن:
فقد تحولت جميع مديراتها إلى أحياء عائمة بفعل الفيضانات والسيول خلال شهري مارس وابريل، والتي أدت إلى مقتل عشرة مواطنين، وتشريد مئات الأسر، وتسببت بطفح شبكات الصرف الصحي، وتسرب المياه لمحطات تحويل الكهرباء، وانقطاع التيار الكهربائي وتعطيل الأعمال لأيام، كما تسببت السيول بتدمير عشرة منازل تدميرا كليا وتضرر أكثر من مائة منزلا آخر، وجرفت عشرات السيارات، كما أدت إلى دفن عدة شوارع واحياء نتيجة جرف السيول لمخلفات التكسير والبناء المستحدث في الجبال المتاخمة لبعض المديريات.

————————————

– العاصمة صنعاء
هي الأخرى تحولت إلى بحيرة مفتوحة، منتصف ابريل الماضي حين أجتاحتها السيول القادمة من المديريات المحيطة بها. والتي تسببت بمقتل شخصين وتضرر الممتلكات في ثلاثة من أكبر الأحياء السكنية والتي كان أشدها وطأة على القطاع التجاري في حي شميلة جنوب العاصمة والتي إلى اليوم لا زلنا نرى أصحاب المحلات التجارية والمحلات الصغيرة والمتنقلة يخرجون إما لتنظيف ما تخلفه السيول الجارفة من أضرار في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أو لعرض بضائعهم وسط الوحل المتراكم.

————————————

– أما محافظة مأرب التي تشهد أكبر موجة نزوح داخلي فقد تضررت جميع المخيمات والتجمعات ال 17 التي تضم أكثر عشرة آلاف أسرة، والتي أقامتها السلطات المحلية بإشراف المنظمات الدولية العاملة باليمن، تسببت السيول بتدمير المقومات الأساسية للنازحين في كافة القطاعات الانسانية أهمها الغذاء والمأوى والمواد غير الغذائية والمياه والإصحاح البيئي، والحماية، وتعريضهم لمخاطر انعدام الخصوصية والاستغلال والاعتداءات المحتملة. كما أدت إلى مقتل وفقدان واصابة أكثر من مائة شخص، وتشريد 80 ألف آخرين حسب -تقرير الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب- بادرت السلطة المحلية بتأمين 4996 نازح فقط وذلك بنقلهم وتسكينهم في الفنادق مؤقتا ريثما تتدخل البرامج الاغاثية.

————————————

وتعد تلك الأعمال والممارسات المتعمدة والعشوائية انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني ومن خلال الوقوف عليها تتبادر للذهن عدة تساؤلات :

– لماذا تتغافل السلطات عن الاستعداد لمثل هذه الكوارث.؟

– لماذا تسمح السلطات للمواطن بالتموضع والتمدد في الأماكن الخطرة، وهي تعلم يقينا بما سيؤل اليه الحال.؟

– لماذا وبإشراف المنظمات الإنسانية يتم وضع الفئة المستضعفة (النازحين) في مرمى الهدف وتعريضهم للكارثة.؟

– أين صندوق الأمم المتحدة للطوارئ وأين أنفقت ميزانياته المخصصة لمواجهة الكوارث في اليمن؟

– أين برنامج الإستجابة لحالات الطوارئ في اليمن والممول من البنك الدولي؟

– لماذا نرى المنظمات الدولية حاضرة وبقوة في جزئية العمل الإغاثي بينما تتغيب عن البرامج الأهم في مجالي الخدمات والتنمية؟؟ لماذا- لماذا نرى المنظمات الدولية حاضرة وبقوة في جزئية العمل الإغاثي بينما تتغيب عن البرامج الأهم في مجالي الخدمات والتنمية؟؟ لماذا تتهرب عن معالجة اسباب الكوارث خصوصا وأنها صنفت التدخل الخدماتي والتنموي في أعلى سلم معاييرها.؟

– أين وزارة الأشغال والبلدية؟

– أين صندوق النظافة؟

– أين السلطات والمجالس المحلية؟

فهل من مجيب.؟ هل من مبدد لحيرتنا.؟

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى