فضاء حر

جامعات بلا معايير أو اجراءات .. جامعة الوحدة انموذجا

يمنات

ماجد زايد

في زمن اللا دولة، زمن الحرب و المحتالين، يمكنك بالفعل إفتتاح “جامعة” بلا معايير و لا مقاييس و لا إجراءات أو رقابة أو شهادات إعتماد، في هذا الزمن اللعين يمكنك المتاجرة بمستقبل الطلاب الحالمين، مستقبل الشباب المساكين، الشباب المرغمين على الصمت و الانتظار فقط.

خمس سنوات أو ست سنوات أو عشر سنوات ليست بالنسبة لأي فاسد زمن طويل لأنها أرباح و دولارات و أرقام تتزايد، لكن ضحاياها يقضونها في اليأس و الخذلان، يقضونها عاطلين عن العمل و الحياة، مجرد منتظرين لشهائدهم عند البوابات و السيارات، شهائدهم التي لم تأتي بعد، تلك التي دفعوا لأجلها الدولارات من أرواحهم و قلوب بيوتهم، مستقبلهم الذي ناضلوا في سبيله و قاوموا العالم للوصول إليه، لكنهم في النهاية يكتشفون غدر الزمان و وعود الهوامير و حقيقة الأوغاد، يكتشفون  حقًا بأن الحكاية مجرد نصب و وهم و احتيال، عصابة كانوا يدفعون لها أموالهم و شقاءهم و عرق والديهم، عصابة باعوا لأجلها الذهب و المدخرات و الأصول القديمة، كانوا كل يوم يذاكرون دروسهم في باحاتها، يسهرون الليل على أمل الخروج منها متوّجين نهارًا لأجل العمل و الاحلام، أيّ عار هذا أيها السفلة..؟!

في مدينة القاعدة الواقعة بين محافظتي إب و تعز، افتتح أحدهم معهد لتعلم العلوم الصحية، بعد عامين فقط جعلها جامعة، اكتشف بأن الأمر يغري الجميع في المدينة، الجميع فعلًا يريدون الدراسة بأي ثمن و أيّ تضحيات، لقد يئس المواطنون من مصيرهم في غياب الدولة، لكنهم لا يجدون أي جامعة غير هذه الجامعة..!

في مدينة القاعدة المليئة بعشرات الآلاف من نازحي تعز .. افتتح أمين الوهبي جامعة الوحدة، و أعلن عن بدء الاحتفالات و حملات الترويج و رفع الشعارات و لأجلها القى الخطابات و وعد الشباب بالمستقبل العظيم، صدقه الآلاف من الطلاب و الطالبات الراغبين بالدراسة و توافدوا اليه برغبة الدراسة..!

يقول لي أحد النازحين من طلاب الجامعة هناك: خمس سنوات و نحن نتعلم فيها، كانوا كل يوم يقولون لنا الجامعة معتمدة، الجامعة معتمدة، تعلمنا و صبرنا و دفعنا و شقينا و قاومنا و انتظرنا التخرج، و بعد خمس سنوات من الدراسة أقاموا لنا حفلًا للتخرج، دفعنا قيمة الشهادة الإضافية و دعونا أهلنا للاحتفال بنا، و يوم التخرج لم نجد شهادة، و لا ختمًا رسميًا لجامعة، لم نجد شيء سوى خطاب انتخابي لرئيس الجامعة، وعدونا بعدها و اقسموا بأن يعطوننا الشهائد و السجلات الرسمية، و حتى اليوم مرت خمس سنوات بعد خمس سنوات و لم يسلموا لنا شيء، عشر سنوات انتهت من حياتنا و أمي تنتظر شهادتي بعد يأسها من انتظار ابني، و في كل مرة يقولون لنا: انسوا الأمر و اذهبوا للعمل، ماذا تريدون من الشهادة..!  أو انتظروا حتى نعطيكم الشهادة..! كنا جميعًا نختار الانتظار، و هاهي سنوات تعقبها سنوات و لا شيء يحدث، لا توجد شهائد، و لا سجلات و لا توجد دولة تنتزع حقوقنا، في الحقيقة ليس هناك أي جهة تنصف شعبها من فاسديه..!

مازال الطلاب يحلفون كل يوم لأباءهم منذ سنوات أنهم درسوا في جامعة، و لا زالت أمهاتهم كل يوم تبكي على عيالها الذين خدعوا و كرهوا الحياة بمن فيها، لم يحصلوا على شهادة، و لم يحصلوا على عمل، و لا أمل لهم في الزواج، و لم يعودون يصدقون أنهم كانوا يدرسون حقًا، كانت عبارة عن حلم طويل مات في نهايته البطل و بقي فيه معتليًا النذل الخسيس. 

هم اليوم يكتبون المناشدات لأي دولة، أيّ دولة من دولنا الكثير، يقولون في مناشداتهم، بسم الله الرحمن الرحيم، الأخ رئيس الدولة، لقد خدعنا، الآ تعلم..! نرجوك يا سيادة الرئيس ساعدنا، هل ستسمعنا..؟!

لم يعودوا يأملون بأحد .. هذه حقيقة الشعب عن بكرة أبيه، لكنهم يتمسكون بأخر القشات، يتمنون ذلك من سيادة الوهم و اليأس الوطني الكبير، أما الجامعة فلا زالت اليوم تعلق اللافتات الملونة و الكبيرة و تعلن عن بدء موسم التسجيل، يقولون في لوحاتهم .. الحقوا الجامعة فالمقاعد محدودة، و للأوائل مقاعد مجانية..!

يعيش الطلاب في المدينة ذاتها منذ تخرجوا قبل خمس سنوات، لم يسمعهم أحد من يومها..! 

أقسم لكم أن أحدهم يقسم بتفجير الجامعة من القهر و الخذلان، و سيعلن عن نفسه بعدها بلا خوف، هكذا قال..!

لن يصمت المقهورون أكثر يا سيادة المحتالين، لن يطيقوا الأمر أكثر، و لن يكتبوا المناشدات مرة أخرى، و لن يشاركوا المنشورات التي لا يقرأها أحد، ربما الحل يكمن في الأخذ بالحق و انتزاع الحقوق باليمنى و الأخرى، هكذا في زمن اللآ دولة، زمن الحرب و الفاسدين و الاوغاد الكاذبين.

هي مناشدة أخيرة، يقولونها هنا، لوزير التعليم العالي. لرئيس المجلس المتواري خلف الظنون الكبيرة، للقائمين على رؤوس الفاسدين هناك:

إفصلوا الأمر أو واجهوا الألاف من المخدوعين بلا أمل و لا مستقبل و لا رغبة بقاء واحدة، مجرد قنابل موقوتة، قنابل موجوعة، قنابل لا يملكون في حياتهم كلها ما يخسروه أو يندمون عليه بعدها.

و في الأخير يقولون:

لم يعد فينا ذرة واحدة من الصبر أيها الأوغاد الكاذبون.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى