فضاء حر

حزب الإيرادات الحاكم

يمنات

د. أحمد عبد الله الصعدي

في آخر كلمة سمعتها له ، قال الأخ أحمد حامد مدير مكتب الرئاسة أنهم ينوون في المرحلة القادمة مكافأة الوزارات الأكثر إيرادا ، ولم يفرق بين وزارات إيرادية ووزارات غير إيرادية ، لابين الصحة والنفط ولا بين التعليم والاتصالات ولا بين جامعة ومنفذ جمركي.

هذه ليست زلة لسان بل تعبير عن نهج مقرر ومدروس غايته جمع أكبر قدر ممكن من المال ، واعتبار مقدار المال المورد المعيار الأساس لنجاح الوزير – أو أي مسؤول – ولضمان بقائه في منصبه.

ما يؤكد القول أنه نهج مدروس هو تصاعد الرسوم المتعددة واختلاق مبررات لرسوم جديدة.

آخر ما سمعناه في هذا المجال هو اشتراط الخدمة المدنية قبول أي شهادة من الجامعات الحكومية اليمنية بتعميدها من التعليم العالي. فحامل شهادة جامعة صنعاء عليه أن يعمدها في التعليم العالي ليس ليسافر بها إلى الخارج بل لتقبلها الخدمة المدنية.

فإذا كنت عضو هيئة التدريس وحصلت على الدكتوراه وأردت تسوية وضعك ستوجهك الخدمة إلى التعليم العالي. وهناك سيبلغونك أنهم لن يعمدوا الدكتوراه إلا بعد تعميد الماجستير ، ولن يعمدوا الماجستير إلا بعد تعميد البكالوريوس أو الليسانس ، ولن يعمدوا البكالوريوس أو الليسانس إلا بعد تعميد الشهادة الثانوية.

وكل شهادة تعمد مقابل خمسة آلاف ريال (وليس معلوما هل النسخ طبق الأصل داخلة ضمن المبلغ السابق أم أنها تتطلب مبالغ إضافية)، وبذلك يرتقي وزير التعليم العالي ووزير الخدمة المدنية درجات في سلم التقييم الذي أشار إليه الأخ أحمد حامد ويضمنان البقاء في منصبيهما ، ولا يهم إن كان الفريسة شخص استلم آخر نصف مرتب في يوليو أو شخص بلا وظيفة.

هكذا في ظل العدوان والحصار وانقطاع المرتبات وفقدان الكثير من المواطنين مصادر دخلهم لا تكتفي السلطات بترك الناس يعانون الفقر والبؤس بل تبتدع حيل وأساليب شيطانية لزيادة بؤسهم وسلبهم ما لديهم من نقود قليلة يستخدمونها لإطعام أطفالهم . تترك هذه السلطات الجشعة موارد كبيرة تضيع في متاهات الفساد وتتفنن في نشل جيوب المواطنين الفقراء والمفقرين.

حمى الإيرادات هي السمة الجوهرية للسلطة الحالية وكل جهازها المدني محموم حتى يمكن القول أن الحكم بيد جهاز لاهم له إلا جمع إيرادات ، ويحق لنا أن نسميه حزب الإيرادات.

هذا اللهث وراء الإيرادات يزيد الشعب المفقر فقرا وجوعا ، ويصبغ حزب الإيرادات الحاكم بالقسوة والظلم والتوحش ، ويوفر تربة خصبة لانتشار الرشوة ولشيوع الجريمة والإنحلال الأخلاقي.

يقول علي بن زايد: أمسيت من فقر ليلة سارق وزاني وكذاب . وأنتم – يا حزب الإيرادات الحاكم – تنهبون جيوب الشعب المنكوب وتصيبونه بإملاق يدفعه دفعا لتقبل وممارسة الفساد والأنشطة غير المشروعة والمنافية للأخلاق ، وتعتقدون – في الوقت نفسه – أنكم تشيدون مجتمعا فاضلا بمطاردة البالطو ابوخيط والحجاب ابو نفخة!!!

زر الذهاب إلى الأعلى