فضاء حر

سيكلوجية السب والشتم ولغة التفريغ العصبي

يمنات

ماجد زايد

يأتي السب والشتم كسلاح أخير يعتمده الإنسان في مواجهة طرف أخر أو عدة أطراف لإقناعهم بالعدول عن مسارهم المنحرف وطريقة تعاطيهم الخرقاء ، يأتي هذا السلاح بعد إستنفاذ كافة الأساليب المتاحة لإقناعهم علمياً ومنطقياً وتقليدياً وتوجيهياً متيقنين بأن الخصم الأخر في تقاطع صلب غير قابل للتغيير نحو الإتجاه السليم ، ذلك أيضاً بعد التأكد من قواهم العقلية والنفسية المدركة للأمور والمسيطرة على الإرادة الجسدية للشخص عند قيامه بالأفعال المنحرفة التي عادة ما تكون خارج نطاق الوعي والفكر السليم.

لغة السب والشتم بين البشر تُعبر بشكل مباشر وصريح عن مشاعر وأحاسيس الإنسان دون خداع أو تصنع وهو ما يساعد الأخرين على تفهم حقيقة الأمور وإعطاء حكم أكثر ملائمة للمواقف وأختصار الجهد والزمن للوصول الى الصواب وهو الغرض المطلوب.

وهي لغة نقدية إستعملها البشر قديماً بالإشارة والإيماء والكلام والرقص واللكز والهمز واللمز والغمز والرسم والصراخ والضرب واللطم والبصق والتكشير وغيرها. ومع مرور الزمن صارت لغة عالمية يفهمها كل إنسان موجه له النقد بسبب خطأ سلوكي أو ذنب أو انحراف عن السياق الطبيعي للحياة في المكان والزمان والبيئة الإجتماعية ذات الخصوصية الثقافية والسلوكية.

هي إذاً ثقافة ولغة وظاهرة متداخلة مع اللغة اليومية للبشر خصوصاً الشباب منهم وبحسب أسوشيتد برس فأن السب والشتم واللعن إزداد لدى الأمريكيين بنسبة فاقت التوقعات عنها قبل عشرين سنة وأن ما نسبته 82 بالمائة من الرجال و 68 بالماية من النساء يشتمون علانية أمام الملأ ، ذلك نتاج ضغوطات حياتية قاسية وتزاحم رأسمالي كبت كل انواع الحياة السياسية والإجتماعية للناس ، يقول علماء النفس أن أطلاق السب والشب واللعن يخفف من حالة الإنسان النفسية ويجعله ميالاً للسلم منه للعنف ، أذ أن القهر والكبت المستمران يميلان بالإنسان نحو طريق العنف الإلزامي ، طريق عاقبته وخيمة في معظم التوقعات. “تيموثى جاي” عالم النفس الأمريكي يرى في كتابة “الشتم في امريكا” بأن هناك فائدة حقيقية من السب والشتم والاّّ لكانت هذه الظاهرة قد إختفت منذ زمن ولم تعد مالوفة عند الناس. ويضيف جاي بأن الشتم يلعب دوراً هاماً في تخفيف الضغوط النفسية ونوبات الغضب والقلق، وبعكسه سيلجأ المرء الى الاعتداء وإستعمال العنف والإيذاء الجسدي. وأن الشتم يشير الى وجود مشكلة جديرة بالإنتباه والى إضطراب الحالة النفسية للفرد الذي يطلقه ويظهر مدى ما يشعر به من معاناة، وخاصة لدى الفرد الذي لم يبدر منه مثل هذا السلوك من قبل مما يجلب انتباه الاخرين نحوه.

يمكننا القول بأن اللغة المستخدمة للتعبير عن الحالة النفسية المعقدة تعتبر إنعكاساً صريحاً لمشاعرنا الداخلية وبناءاً عليه لجأت الدول المتقدمة للسماح لمواطنيها ممارسة طقوس السب والشتم واللعن بالطرق التي تخفف من وطأة حياتهم النفسية والمعيشية والإجتماعية وبهذا شاعت اللغة وأصبحت رائجة تتواجد كلماتها في الأغاني والأفلام والمسلسلات وكل ما له علاقه بحياة الناس اليومية ، وتظهرحقيقة ذلك الشيوع لدى سياسات مدارسهم التي لا تردع الشتائم والعبارات السيئة في مسعى للحيلولة دون ميول الطلاب نحو العنف.

شخصياً أستخدم هذه اللغة في مواجهة أي موقف يستدعي ذلك معتمداً على مدى العقل والمنطق والحالة العصبية والنفسية لي وقتها غير مبالياً بصاحب الطرف الأخر كائناً من كان.

نحن اليمنيون بحاجة لممارسة هذه الطقوس ، طقوس الترويح النفسي والتفريغ العصبي خصوصاً مع لعنة الاوغاد التي إجتاحتنا وعصف بحياتنا ، نحن بحاجة للحفاظ على أنفسنا وتركيبتنا الوظيفية للجهاز العصبي أكثر مما يجب ، نحن بالمناسبة نتحمل فوق طاقتنا حينما نظن ان المرونة في الحياة والتخلي عن شكلها المتزمت هي خياراً سلبياً ، بالعكس، الكبت والقهر والباطل هي الطريقة السيئة للحياة في كل الأديان والعادات والمعتقدات ، التفكير كثيراً والتعقل الزائد وممارسة الحياة بطريقة غير واقعية تقتلك في حين غرة، ويبقى الأخرون خلفك يتساؤلون لزمن طويل عن مسببات عشرات الجلطات اليومية في هذا البلد ، والجميع يخمنون ويتجاهلون الكبت المفرط لدى اليمنيون.

تذكروها مني جيداً .. العنوهم ولا تخشوا على سمعة أسماءكم لأنها اصلاً في الحضيض مادام أولثك الملعونون في الواجهة.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.
زر الذهاب إلى الأعلى