أرشيف

عبد القوي رشاد: «اخوة الجبل» دشنوا السحل والسفك بدم «عبد اللطيف»

هذه المادة جزء من ملف مفتوح عن التعذيب في اليمن تتبناه منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات التي يرأسها النائب المستقل احمد سيف حاشد،وقد رأت المنظمة نشر هذا الملف في صحيفة (المستقلة)..ورأينا نحن إعادة نشره تباعا بالتنسيق مع (المستقلة ) لإيماننا بأهمية إطلاع الناس على ما حدث من أجل العمل معا على ألا يحدث مجددا…….«يمنات».

………………

إشارة

لسنا ضد جبهة التحرير ولا من أعداء الجبهة القومية ولا من المعارضين لقحطان أو فتاح أو سالمين أو فيصل أو غيرهم  وحسبنا أنهم جميعاً أرادوا خدمة وطنهم فأختلفوا في طرق الاعداد وآليات الطرح واذا وجد أحد غضاضة في هذا الحوار وما سيليه من حلقات هذا الملف المغيب من تاريخ ولد هنا وعاش هنا ودفن إلى حين ربما هنا فإننا نقول هذا رأي أو ما حدث مع هذا الطرف ومساحتنا واسعة بمساحة كل الوطن وصفحات المستقلة هي ملك لك ولحقائق التاريخ فوافينا بما عندك وسوف ينشر بدون قص..«المستقلة».

…………………….

عبد القوي محمد رشاد من الذين شاركوا في تأسيس أول نظام جمهوري في اليمن الجنوبي وهو أخ للرئيس الشهيد فيصل الشعبي وقد شغل في حكومته برئاسة الشهيد قحطان الشعبي منصب نائب وزير الخارجية حتى ليلة 22 يونيو 1969م حينما قدم الرئيس الشهيد قحطان بيان استقالته ليأتي بعده نظام "إخوة الجبل"  كما وصفوا أنفسهم آنذاك.

 عبدالقوي يتمنى أن يكون هذا الملف بداية لتصحيح فترة تاريخية شابتها أخطاء كثيرة في الحكم اليمني.

حاوره / محمد البذيجي – فاطمة رشاد

> الأستاذ نائب مدير المنطقة الحرة عبدالقوي محمد رشاد.. ما الذي حدث في 22 يونيو 1969م؟

– أولاً أريد أن أتحدث أن هناك مجاميع منشقة انشقت بقيادة علي صالح عباد "مقبل" وعبد الفتاح إسماعيل وسالمين وغيرهم من أصحاب حركة 14 مايو ، ذهبوا إلى تعز وضاق بهم الأمر هناك وطلبوا بعد ذلك السماح لهم بالعودة إلى عدن والعفو عنهم وكان ذلك بوساطة من فيصل وسيف الضالعي ومحمد علي عنتر ومحمد علي هيثم وأمر النظام آنذاك بعودتهم بشرط المحاسبة التنظيمية.

> كيف تحول العائدون من تعز إلى حركة ضد حكومة قحطان الشعبي؟

– كانوا يضمرون شيئاً في نفوسهم واستغلوا بعض الإرباكات والتدخلات في الاختصاصات من قبل الوزراء.. فأخذ على المرحوم محمد علي هيثم الذي كان يشغل وزير الداخلية أنه قام ببعض المتابعات الخارجية التي تخص وزير الخارجية، وقام هيثم بهذا من منطلق الحرص الوطني.

> هل تم الجلوس مع وزير الداخلية وإبلاغه بأن هذا الفعل أغضب الكثيرين في الدولة؟

– نعم، تم استدعاؤه والجلوس معه مع بعض القيادات العليا للدولة وأثاروا له انعكاسات ما قام به ولكن للأسف أن الأخ هيثم لم يتقبل الأمر وتطورت النقاشات إلى مشادات، واقترح البعض على هيثم بالاعتذار الشخصي على ما بدر منه، فرفض هيثم أن يعتذر وأصر على موقفه ورفض تقديم استقالته من الوزارة مما اضطر الرئيس قحطان الشعبي بإصدار قرار إقالته من وزارة الداخلية.

> كيف استغل عبد الفتاح ومن معه هذا الحدث؟

– لا أدري كيف استغل الإخوان هذه الإقالة لهيثم ليتضامنوا معه رغم أنهم كانوا يتهمونه بأنه كان من يضايقهم ويتصدى لهم في مؤامرتهم بحكم موقعه في وزارة الداخلية، فعملوا على إصدار بيان يرون فيه أن قرار الإقالة غير دستوري رغم أن النظام الرئاسي آنذاك يتيح للرئيس استخدام كل الصلاحية.

> هل كانوا قليلي خبرة لينظروا للإقالة بأنها خطأ وغير دستورية؟

– لا. هم اتخذوا من الإقالة كقميص عثمان وأخذوا في التحرك ضد النظام وكان النظام يرفض قمعهم كونه لا يريد سفك الدم في سبيل البقاء في السلطة.

> ما نوعية تحركاتهم وما الهدف منها؟

– كانت تحركاتهم خطيرة, الهدف منها الانقلاب على السلطة.

> ولكنك إلى الآن لم تجبني.. ما الذي حدث في ليلة 22 يونيو؟

– اجتمعوا في تلك الليلة في قصر السلطان علي عبد الكريم (متحف الآثار حالياً) كمحاولة لجس نبض النظام خوفاً من قمعه لهم، وقد زرت مكانهم وهم مجتمعون وطفت عليهم وخرجت لأتصل بأخي فيصل عبد اللطيف وقلت له "الجماعة" يتآمرون ضد النظام وأنتم صامتون" فرد "خليهم يتآمروا ويأخذوا السلطة ونحن سندعمهم ويجربوا كيف الحكم" وبعدها بساعات قدم الرئيس قحطان استقالته من تلقاء نفسه..

> لماذا استقال وهم (أنصار هيثم) يقولون إنهم أقالوه من الحكم؟

لا، بل هو استقال وسجل الاستقالة في شريط وأرسل به إلى الإذاعة فجراً وكانت الإذاعة تردد قبل إذاعة بيان الاستقالة وتقول :انتظروا إذاعة بيان هام" ، لكن كانت المجاميع المتمردة قد استولت على مبنى الإذاعة فوجدوا الشريط ومنعوا المذيعين من إذاعته وقاموا بإذاعة بيان آخر قالوا فيه إنهم أقالوا الرئيس، وهذا نتيجة التسامح من قبل الرئيس الذي كان يعلم أنهم استولوا على الإذاعة ومنع جنود الأمن من التعرض لهم وأن لا يسفكوا قطرة دم.

> تحدثت عن تسامح النظام في أكثر من نقطة.. ما هي المواقف التي يمكن أن نرى فيها هذا التسامح؟

– الموقف الأول أنه لم يحرك ساكناً ضد "إخوة الجبل" كما يطلقون على أنفسهم رغم أنهم يتآمرون ضد النظام وخارجون عن القانون، والموقف الثاني أن من شروط عودتهم من تعز إلى عدن تجميد عضويتهم التنظيمية حتى انتهاء عملية المحاسبة وتقديم الاعتذار، وأثناء اجتماع للقيادة العامة تفاجأ الحاضرون بدخولهم إلى الاجتماع غير آبهين بما أتفق معهم، فألح بعض الحاضرين بإحضار أفراد الحرس لإخراجهم من قاعة الاجتماع، فرفض الرئيس قحطان وفيصل عبد اللطيف إخراجهم مما ولَّد نقاشا حادا بين القادة على ما ارتكبوه "إخوة الجبل" فقام اثنان من المجموعة بإشهار المسدسات محاولين قتل قحطان الشعبي فأخذهم الحرس، وقبل أن يحتجزوا أمر الرئيس قحطان بالإفراج عنهم في تلك اللحظة.

> هذه المواقف خلدت الرئيس.. فماذا أيضاً؟

– هناك موقف حدث قبل حادثة قتل الرئيس بأسابيع، حين قام قائد الحرس الجمهوري آنذاك وطلب من القادة والجنود تنفيذ انقلاب ضد الرئيس قحطان الشعبي واعتقاله مع وزرائه في النظام فأثار الأمر قادة الحرس والجنود أيضاً فقاموا باعتقال القائد نفسه، وفي صباح اليوم الثاني زاره الرئيس قحطان الشعبي في السجن وأمر بالإفراج عنه وهذا غيض من فيض من تعامل النظام السلمي مع كل المتآمرين.

> بعد استيلائهم على السلطة، كيف كانت معاملتهم مع الرئيس قحطان وفيصل عبداللطيف؟

– عرضوا على الرئيس قحطان الخروج إلى خارج الوطن وقال رافضاً "أنا منتظر ما الذي تريدونه مني أولاً، أنا لن أخرج"، وكذلك عرضوا على فيصل بتحمل مجلس رئاسة قيادة النظام الذي سيشكلونه ورفض وقال لهم "لقد قمتم بالتآمر على النظام في عمل جبان….. ولن أشارك معكم".

> لكن كيف تم اعتقالهما بعد ذلك؟

– نعم عرضوا على فيصل وقحطان ومن معهم في التيار الوطني الذي كنت فيه الإقامة الجبرية في منزلين صغيرين في حوش الرئاسة ومنعوا عنهم الزيارات، وبعدها أدعت سلطة 22 يونيو المتآمرة باكتشاف مؤامرة بالانقلاب عليها فقامت بإنزالهم إلى سجن فتح ووضعتهم في زنازين عارية وأعطوا لكل واحد منهم "بطانية" وقرص روتي وملعقة فاصوليا ، وهذا يعطي مقارنة واضحة لنظام 22 يونيو لتعامله المشين والتسامح اللامحدود لنظام ما قبل حركة "إخوة الجبل" علماً أن زنازين فتح استخدمها الاستعمار لحجز جنوده المخالفين لساعات فيها فقط واستخدمها الإخوة لحجز القادة الأبطال.

يعني هناك تصفيات بدأت في عهد هذه السلطة؟

– نعم بعد اغتيال فيصل في ابريل من عام 1970م افتتحت سلخانة للتعذيب وسفك الدماء وكانوا قد دشنوه بفيصل ومارسوا بنا "السحل واللحس" وتم اختفاء الآلاف من الشباب الذين لا يعلم مصيرهم حتى الآن.

لقد تم تصفية الكثيرين ، أشهرها حادثة طائرة الدبلوماسيين في بداية السبعينات حيث تم تجميع قيادات الصف الأول للثورة وكوادر مجربة في العمل الدبلوماسي، وتم استدعاؤهم من الخارج وحاضروا بهم في مدينة الشعب وتم ترحيلهم إلى مطار عتق وأخرجوا قائمة فيها أسماء من يراد تصفيتهم منهم (سيف الضالعي، محمد علي الشاعر، عبد الباري قاسم، ومحمد صالح عولقي، وأنور قاسم، والأخوان فضل وعبد القادر سلامي، البيشي، محمد ناصر محمد صاحب جريدة الطريق، عبد الله بن سلمان، عبد الكافي عثمان ,غيرهم.. طارت الطائرة بهم إلى حضرموت وتفجرت في الجو وقطعتهم أوصالاً، وعملوا لهم صندوق ديناميت بطريقة بشعة لن تفلت من تاريخ سلطة 22 يونيو.

> وما هو مصير محمد علي هيثم؟

–  من المفارقات أن الأخ محمد علي هيثم الذي استفادت منه المجموعة كان أول الضحايا فأطاحوا به من السلطة وكلفوا من يغتالوه في القاهرة حيث جرح هناك واعتقلوا إخوانه تنفيذاً للتصريح الذي صرحوا به بعد أسبوع من حركة 22 يونيو في اجتماع تنظيمي حيث قالوا "إن محمد علي هيثم يعتبر من جماعة قحطان وفيصل ولكننا اعتبرناه جسراً للوصول إلى السلطة وسوف نتخلص منه قريباً"..

زر الذهاب إلى الأعلى