أرشيف

أسباب تعامل المجلس العسكري بغموض في إدارة مصر

 تنتاب المصريين والمراقبين تساؤلات عديدة حول أسباب الغموض الذي يتعامل به المجلس العسكري فيما يخص إصدار القوانين، حيث يتم إصدارها بشكل فجائي دون طرحها  للمناقشة على مختلف القوى السياسية، مثلما حدث في الإعلان الدستوري وقانوني مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية التي يجرى الآن إعادة دراستها ومناقشته مرة أخرى  بعد الاعتراض عليها من جانب الأحزاب والقوى السياسية.

ويرى البعض أن سبب هذا الغموض يرجع في الأساس إلى حالة التخبط الشديدة التي تنتاب المجلس العسكري والحكومة الحالية في إدارة الفترة الانتقالية، حيث لا توجد خطة واضحة المعالم للجميع بجدول زمني معلوم.

غياب الخبرة السياسية

يقول الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات السياسية بجامعة أسيوط لـ”إيلاف” إن المجلس العسكري  ليس لديه الخبرة الكافية للعمل السياسي حيث فوجئ بقيادة البلاد دون ترتيب مسبق، مشيراً إلى ضرورة إعطائه العذر في هذا الأمر.

وأضاف: ولكن كان على المجلس العسكري الاستعانة بمستشارين متخصصين  يكونون سندا له في إدارة شئون البلاد والمساهمة فى وضع القوانين المختلفة والتي  خرجت جميعها دون موافقة القوى السياسية بجانب أن هناك قوانين أخرى يتم إعادة مناقشتها من جديد مثل قانون الدوائر الانتخابية  
وأرجع الدكتور منصور سبب تخبط  المجلس العسكري فى قراراته إلى الغموض الشديد الذي اتبعه المجلس مع الشعب فيما يخص صدور القوانين والقرارات  بشكل فجائي للناس مثلما حدث في الإعلان الدستوري ثم قوانين مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية وأخيرا تفعيل قانون الطوارئ.

ومن الأمور التي يراها الدكتور منصور سببا لتخبط المجلس العسكري وغموضه مع الشعب، هي عدم وجود خطة محكمة لإدارة الفترة الانتقالية بوجود جدول زمني معروف ومحدد بالتاريخ والساعة حتى تسليم السلطة إلى مدنيين مما يساعد الحكومة الانتقالية على معرفة الخطوات العريضة للمهام التي ستقوم بها. فقد تميزت إدارة الفترة الانتقالية بالعشوائية، مما تسبب في أزمات وخروج المليونيات.

رغبة في الإبقاء على شكل الدولة

يفسر  الدكتور عماد جاد الخبير السياسي لـ”إيلاف” سبب التخبط والغموض الذي يسود المجلس العسكري بصفته القائم على إدارة شئون البلاد بأن المجلس يؤمن بأن ما حدث يوم 25 يناير ثورة ولكن من الناحية السياسية لا بد من الاحتفاظ على شكل الدولة دون تغير جوهري في النظام، ولذلك نجد تمسكه بالنظام الفردي والقائمة في قانون الانتخابات وكذلك وجود نسبة ال50%عمال وفلاحون، حيث يحاول إتباع نظام ترحيل الأزمات والمشاكل  دون حسم قاطع.

ودعا جاد إلى ضرورة استفادة المجلس العسكري من أخطاء الماضي وبدء مرحلة جديدة قائمة على الشفافية والمصارحة مع الشعب على أن تكون البداية بوضع خطة وجدول زمني للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية بحيث يكون معلوما به موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية وكيفية انتقال السلطة إلى حكومة مدنية ووضع نهاية للخلاف حول المبادئ الدستورية وتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور  إذ أنّ استمرار هذا الغموض سوف يصب نحو المزيد من الأزمات مع الشعب والثوار.

عقلية النظام السابق

يؤكد محمد الأشقر عضو حركة 6 إبريل لـ”إيلاف” أن القوى السياسية طالبت بضرورة وضع جدول زمني للفترة الانتقالية وكان رد المجلس العسكري، علينا الوعد بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة في حدود ستة أشهر ولكن ما حدث غير ذلك تماما وكانت البداية بمفاجئة صدور المجلس العسكري للإعلان الدستوري في اليوم الثاني للاستفتاء ثم صدور قوانين البلطجة ثم مجلسي الشعب والشورى وأخيرا قانون الطوارئ.

ويشير الأشقر إلى أن الحكومة والمجلس العسكري يتعاملون مع الثورة بمنطلق أنهما فقط يعرفان مصلحة البلاد ونحن لا نعرف شيئا بل نتهم بالخيانة وهذا كله يشير إلى أنهما ينظرون إلى ما حدث على أساس أنه ليس ثورة الشعبية وأن القضاء على رموز الفساد أمر كاف للثورة ومن هذا المنطلق كان التخبط والغموض الذي اتبعته الحكومة مع الشعب ومن غير المنتظر تغير الصورة مستقبلا حيث أن العقلية لم تتغير بعد.

لا نوايا خبيثة

يرى صبحي صالح عضو لجنة تعديل الدستور أن المجلس العسكري أكد منذ الوهلة الأولى لتوليه إدارة شئون البلاد أنه لا يطمع في السلطة ويريد مرور الفترة الانتقالية بسلام حتى تولي حكومة مدنية السلطة.

وقال صالح ل”إيلاف” أن هذا يؤكد على عدم وجود نية خبيثة لديه حتى يتبع الغموض مع الشعب ولكنه يريد الخير لنا ويبحث عن الأفضل، مؤكدا على وجود خبراء ومستشارين على أعلى مستوى عند وضع القوانين ويلجأ إلى الاستماع لكبار المتخصصين من الخارج وأنه ليس متزمتا ومتصلبا في تعديل ما تراه القوى السياسية، بدليل مناقشة تعديل قانون الدوائر والانتخابات.

وطالب بالصبر على المجلس العسكري وإعطائه الفرصة للوصول إلى الفترة الانتقالية بسلام كما وعد، ولكن المليونيات بدون داع سبب مباشر لعرقلة أهداف المجلس العسكري والذي ينقصه بعض من الخبرة السياسية، على حدّ تعبيره.

 

المصدر : إيلاف

زر الذهاب إلى الأعلى