أرشيف

(ترجمة)الفورين بوليسي: إزالة الرأس لا تغير الجسم الأساسي للثعبان وغطاء “المبادرة” سبب انقسام

 

  • – الصفقة الخليجية وبند الحصانة وفر غطاء للرئيس صالح وكل جماعته، وعليه فالصفقة ستكون سبباً في الانقسام ومن المحتمل أن تكون كارثية
  • – تبدو الانتخابات كواجهة عرض أزياء مبهرة غير أن الأثر النفسي في الانتقال قوي
  • – ينبغي على الولايات المتحدة ونظرائها التأكد من أن إعادة هيكلة القطاع الأمني لن يترك وكلاء السلطة القديمة تتنافس على إقطاعيات داخل البلد

انتخابات اليمن قد تأخذ أهمية

 

* دانيا جرينفيلد- مجلة فورين بوليسي

ترجمة: عبدالله عبدالوهاب- لـ “يمنات”

 

مع المذابح اليومية في مدينة حمص وملاحقة منظمات الولايات المتحدة غير الحكومية في القاهرة، فقد تراجع (الاهتمام الدولي) بالنزاع الدائر في صنعاء إلى الخلفية. غير أن الواحد والعشرين من فبراير سيعيد الانتباه إلى اليمن مرة أخرى بمناسبة الانتخابات الرئاسية.

 

قد تبدو الانتخابات جوفاء، حيث لا يوجد سوى مرشح واحد في السباق؛ ومع ذلك، فإنها ما زالت تعتبر خطوة بالغة الأهمية في التحول السياسي في اليمن – ويتعين على الولايات المتحدة استخدام هذه اللحظة للضغط في سبيل حدوث تحول حقيقي بعيداً عن النظام السابق للرئيس علي عبد الله صالح. ويمكن تسمية ذلك التصويت الوطني بشكل أكثر جدارة بـ “استفتاء”، حيث أن نائب الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، الذي تولى السلطة المؤقتة من خلال اتفاق تقدمت به دول مجلس التعاون الخليجي، سيقلد كزعيم قادم لليمن لمنع أي اندلاع أعمال عنف كارثية.

 

وبينما قد تبدو الانتخابات ظاهرياً مثل واجهة عرض أزياء مبهرة في أحسن الأحوال، غير أن الأثر النفسي لليمن في الانتقال إلى المرحلة التالية قوي. وبالحد الأدنى، تطوي الانتخابات صفحة من عقود خيبة الأمل واليأس. وبصورة نهائية، فإن إزالة صالح من السلطة يمكن أن يمهد الطريق لفتح فضاء جديد من المنافسة السياسية الحقيقية والحكم الخاضع للمحاسبة. فهو رجل حكم اليمن منذ 33 عاما، وعلى حد قوله “من خلال الرقص على رؤوس الثعابين”، من خلال مهارة بارعة في التلاعب في التحالفات القبلية والولاءات السياسية، وشبكات المحسوبية. فبعد أن نكث بتعهدات سابقة لترك السلطة – ومضت أشهر عندما وافق صالح على توقيع الاتفاق وبعد ذلك نكثها لثلاث مرات – فإن مجرد الحصول على دمغة الخروج الرسمية هذه أمر يبعث على الارتياح.

 

ومع ذلك، فإن إزالة الرأس لا تغير الجسم الأساسي للثعبان. ويلزم إجراء تغييرات ضرورية أعمق بكثير، ولكن من الضروري أن نتذكر أن اليمن لن تبدأ من الصفر، وتتمتع في الواقع ببعض المزايا على الدول العربية الأخرى. فعلى عكس مصر، تملك اليمن ثقافة التعدد الحزبي، وسياسة التحالفات. وعلى عكس ليبيا، لدى اليمن عملية برلمانية نامية ذات هياكل قوية للجان. وعلى عكس تونس، فاليمن لديها تاريخ من المجتمع المدني الحيوي الذي يدافع عن حقوق الإنسان وحريات الصحافة والتعبير. بمعنى أن هناك أساسا يمكن البناء عليه في اليمن، ولكن دعاة الديمقراطية بحاجة إلى المساعدة والدعم الدولي، ليس الدعم المالي فقط، بل والدعم الأخلاقي والأيديولوجي أيضا. إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يدعمون الوضع الراهن عبر إعطاء الأولوية للتعاون الأمني على حساب المكاسب الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة بعد ذلك ستعرض استقرار وازدهار الشعب للخطر على المدى الطويل. إن تعزيز يمن ضعيف يعني ببساطة وجود متنام لتنظيم القاعدة، وهو ما يعني المساومة بأمن الولايات المتحدة في نهاية المطاف أيضا.

 

يواجه البلد تحديات مزمنة، والكثير منها سبقت النزاع الأخير، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة، والبطالة المتفشية، وقلة الحصول على المياه النظيفة، والوقود، والكهرباء لملايين المواطنين. وهنالك أيضاً مشاكل جديدة إذا ما نظرنا إلى أن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي قد ابتدع، مثل بطانية بند الحصانة، غطاء للرئيس صالح ولكل جماعته، وهو ما يبرهن بأن الاتفاق سيكون سبباً في الشقاق والانقسام ومن المحتمل أن يكون كارثياِ. في الوقت نفسه، لا يزال نجل الرئيس صالح، وأبناء أخيه، وغيرهم من أفراد الأسرة، يسيطرون على الأجهزة العسكرية والأمنية. وعلاوة على ذلك، وافقت على هذه الصفقة (الخليجية) أحزاب اللقاء المشترك، وهو ائتلاف من أحزاب المعارضة اليمنية، غير أنها لم تشمل مجموعات أخرى مهمة من ذوي المظالم المشروعة، مثل الانفصاليين في الجنوب، والمتمردين الحوثيين في الشمال، والناشطين الشباب غير المنضويين تحت الأطر المذكورة.

 

وعلى الرغم من هذه العيوب، فإن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي هو أفضل أمل راهن لعملية الانتقال السياسي في اليمن. وعلى افتراض أن صالح لم يغادر فعلا المرحلة، يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يضغطوا بقوة على القضايا العالقة التي من شأنها تحديد ما إذا كان اليمن سيبرز كشعب لديه تفاؤل وأمل، أو (على العكس) ذلك الشعب المعاق بإرث من الفساد والمفاسد والإهمال منذ العقود الثلاثة الماضية. ينبغي على الولايات المتحدة على وجه التحديد العمل على إشراك نظرائها العسكريين والاستخباريين للتأكد من أن إعادة هيكلة القطاع الأمني ستحدث ما هو أبعد من المستوى السطحي الذي لن يترك وكلاء السلطة القديمة المعمول بها تتنافس على إقطاعيات داخل البلد. وبالتوازي مع بند الحصانة الذي من غير المرجح أن يتم نقضه، ينبغي على الولايات المتحدة دعم آليات عدالة انتقالية بديلة لمعالجة جروح الحرب، وينبغي تعزيز عملية حوار وطني يشمل ويدمج بشكل حقيقي أصوات الشباب، والتي تم تهميشها إلى حد كبير حتى هذه النقطة.

 

حتى الآن، تركز سياسة الولايات المتحدة على التعاون في مكافحة الإرهاب مع قوات الأمن اليمنية وتقديم المساعدة لمكافحة تنظيم القاعدة. ومع ذلك، فمن الواضح أن أية سياسة تركز فقط على المساعدات العسكرية والأسلحة وهجمات الطائرات بدون طيار لن تقضي على خطر الإرهاب على الأهداف الأميركية. وينبغي على الولايات المتحدة أن تقدم في اليمن بقوة أكبر نهجاً يركز على النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة ومؤسسات تتسم بالشفافية، وسيادة القانون من أجل خلق الاستقرار على المدى الطويل، والذي من شأنه أن يعود بالفائدة على كل من الولايات المتحدة واليمن. وبالمضي قدما، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها تحميل الحكومة الجديدة بشكل حثيث مسئولية تنفيذ الاتفاق، وفي الوقت نفسه، بذل كل جهد ممكن لدعم القوى الديمقراطية التي لا تزال تنادي بتغيير سياسي حقيقي وشرعي، وليس مجرد الرضا بإزالة صالح.

 

—————————–

دانيا جرينفيلد: نائب مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في مجلس الأطلسي.

رابط المصدر على مجلة “الفورين بوليسي”:

http://mideast.foreignpolicy.com/posts/2012/02/21/yemens_elections_might_matter

زر الذهاب إلى الأعلى