فضاء حر

يا قافلة عاد المراحل طوال وعاد وجه الليل عابس

الكثير من قصائد وأبيات شاعرنا وأستاذنا مطهر الارياني حفظه الله، ومثله العديد من أدباء اليمن تأخذ من حيث السياق العام الطابع التاريخي الذي يختزل حقبة من حقب التاريخ المونوغرافي*، لليمن يمكن من خلال إعادة قراءتها أن نستمد منها العديد من المواعظ والعبر والتجارب التي تخدم الواقع الراهن والمستقبل كما أنها من حيث المضمون والدلالات تأخذ طابع الحكم والأمثال التي تضل الأيام حبلى بالكثير من المواقف التي تتطابق مع المضمون والدلالات التي تحملها بل والمناسبة التي قيلت فيها.

من هذا المنطلق ونحن اليوم في خضم الثورة الشبابية الشعبية 11 فبراير 2011م التي جاءت كنتاج لنكوص ثورتي اليمن سبتمبر وأكتوبر1963،1962م بعد مؤامرة الطائف 1967م والتي ألهمت شاعرنا ليقول القصيدة التي اقتبسنا منها عنوان مقالنا وجدتني استعيد كلمات شاعرنا مطهر الأرياني وأقول ما أشبه اليوم بالبارحة وكم هو مناسب بل وفي غاية الأهمية أن نجعل من البيت الشعري " يا قافلة عاد المراحل طوال وعاد وجه الليل عابس"عنوان لمقالنا هذا لكي نضع الشباب والشعب اليمني من حملة مشاعل ثورة 11 فبراير أمام الصورة الحقيقية لواقع ثورتهم خصوصاً من يعتقد منهم بأنه قد أنجز ثورته أو أنه أمام مشاهدها الأخيرة لأقول لهم حذار أن تغتروا أو يأخذكم الوهن وتنقادوا وراء المشاهد الخداعة التي أتت أو ستأتي بها ما يطلق عليها (المبادرة الخليجية) وترضون بأنصاف الثورات التي استدرج إليها الأباء والأجداد الذين حملوا مشاعل سبتمبر وأكتوبر فقد قلنا ومنذ الوهلة الأولى لانطلاق هذه المبادرة وكتبنا ذلك في الصحف الأسبوعية لساحة التغيير في أيامها الأولى بأنها مؤامرة.

أما إذا كان قد تعاطى مع هذه المبادرة السياسيون من الذين تثقون بوطنيتهم من قيادات أحزابكم فمن العقل والحكمة أن لا يسير الجميع في نفس الاتجاه الذي نهايته مجهولة وبالتالي يفترض أن لا تعبئوا بذلك لأنهم أولاً سياسيون يخضعون لمعادلات وضغوط إقليمية ودولية وثانياً لا بد أن تكونوا على ثقة بأنهم لن يقدمون تنازلات إلى حد التفريط بأهداف الثورة لأنهم يدركون بأنهم في محك أمام قواعدهم الحزبية وبالتالي لن يتجرؤوا على صياغة المشاهد الأخيرة لثورتكم.

وبناءً عليه وبصفتنا جزء من مكونات الساحات الثورية أن نقول بأنه من المفيد ولأصوب لجميع من في الساحات بمختلف مشاربهم الحزبية والفكرية والثقافية بل والقبلية والاجتماعية أن يدركوا بأنهم وهم في الساحات هم ثوار أولاً وأخيراً وبأن رفاقهم الحقيقيين في هذه المواطن هم الذين يشاركونهم شظف العيش ومرارة الصبر أمام تعنت فلول النظام السابق كما يقاسمونهم عنفوان الإرادة والثبات في الساحات وكذا من أستشهد منهم على هذا الدرب وليس رفاقهم هنا من هم في صفوف أحزابهم سواء كانوا معهم في الساحات أو على طاولة المسار السياسي.

 

 وبناءً عليه: فإن ذلك يعني أن على جميع من في الساحات الثورية بمختلف مشاربهم أن يتصرفوا وفق هذا المبدأ، وعليهم أن يستلهموا العبر والتجارب من التاريخ النضالي لشعبنا من مثقفينا وأدبائنا أمثال شاعرنا المخضرم(مطهر الإرياني) الذي مازال حياً يرزق سواء كان ذلك من كتاباتهم أو من خلال ندوات يدعون إليها لأني على يقين أن شاعرنا ومنذ تاريخ كتابته للقصيدة التي اقتبسنا منها عنوان مقالنا هذا وهو يشاركنا الرؤية بأن وجه الليل مازال عابس أمام قافلة ثوراتنا  وأن ثورة 11فبراير2011م هي الثورة الحقيقية – إن سلمت المؤامرات- وبأن حملة مشاعلها هم الأمل الوحيد والأخير لشعبنا في إخراج قافلة ثورته إلى بر الأمان فحذار أن تتفرقوا أو تمزقكم العصبيات الحزبية أو القبلية أو المذهبية والمؤامرات التي تحاك ضد ثورتنا ما دامت قد توحدت الغاية والوسيلة ونبل الأهداف، وليدرك جميع من في الساحات! أن من صنع الثورة لابد أن يكون هو دون غيره من يكتب فصول وفقرات مشاهدها الأخيرة، وبالمناسبة أختتم مقالي بشطر أخر من نفس القصيدة تُزدى كنصيحة من الشاعر لشباب الثورة وهي: " أيا شباب أتكاتفوا للنضال ووحدوا كل المتاريس" والمتاريس هنا (مختلف مكونات ساحات وميادين الثورة السلمية).

زر الذهاب إلى الأعلى