فضاء حر

ياسين كفكرة لاتموت..!

تبدو محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان, الاثنين الفائت, واحدة من المحاولات البائسة واليائسة التي تسعى جاهدة إلى خلط الأوراق وإرباك العملية السياسية, ووضع العراقيل أمام مشروع الحوار الوطني المزمع انعقاده في غضون الأسابيع القليلة القادمة. 

وليس من الغريب القول إن ما يقف وراء محاولات مشبوهه كهذه لم يستوعب بعد أن زمن الاغيالات السياسية والتصفات الجسدية القذرة قد ولى وإلى غير رجعة, وأن مجرد التفكير في اللجوء الى الوسائل الرخيصة لخنق حلم المدنية وتبديد آمال بناء الدولة المدنية, الحديثة، لم يكن ممكناً فقد شب الحلم عن الطوق, واصبح جار الله عمر, وياسين سعيد نعمان, والسابقون الأولون من الشرفاء والوطنيين الذين طالما ناضلوا من أجل اليمن" الدولة والشعب والنظام والقانون" , أكثر من مجرد شخوص, فقد تحولوا إلى فكرة خالدة ومبدأ ثابت ومشاريع إلهام تحررية ونهضوية مغروسة في عمق الوعي والضمير والوجدان الجمعي للشعب اليمني في الشمال والجنوب, واذي عبر نفسه بشكل علني ومفتوح في عموم الساحات وميادين الوطنو بعد أن كسر جدار الصمت في 11 فبراير من العام المنصرمو فكانت الثورة(الصرخة) مزيجاً من تراكم الظلم والقهر والاستبداد, وتزايد الوعي والإدراك في الوقت ذاته! ثم أن الدكتور ياسين وأمثاله بما يمتلكونه من سلامة المنطق, ورزانة الموقف, وحصافة القول, والتزام الثوابت, ووطنية الرأي والرؤية, قد تجاوزوا المشاريع الصغيرة إلى مشروع أكبر بحجم الوطن الكبير, وترفعوا فوق مكايدات الصغار التي لا تزال تمني نفسها بالعودة على زمن التوحش والتخلفو وأساليب الوضاعة والبشاعة التي ارهقت الروح العامة, ومست ماضي وحاضر ومستقبل الأمة في أعز وأغلى ما تملك( رجالها وقادة الفكر والتنوير فيها) الذين يعول عليهم كثيراً في الخروج من غيبوبة اللادولة, وغياب العدلا والمساوة والحقوق والحريات والمواطنة المتساويةو التي أقصتنا قسراً عن ركب الحضارات المتقدمة, وهي خسارة فادحة يوازي فيها موت رجل عظيم واحد, موت أمه بأكملها, على راي نيتشهو إلا ان " موت بعض الشعب يحي كله/ان بعض النقص روح الاكتمال " , كما يقول شاعر الأمة وحكيمها الاستاذ عبد الله البردوني , وهو العزاء الوحيد الذي نواسي به مصابنا ومصاب الأمة عند كل حادثة تستهدف رجالاتها وعظماءها. 

وياسين ابرز هؤلاء الرجال الذين عرفهم وألفهم الشارع بالوسطية والأعتدال, كان ولا يزال مادياًيديه إلى الأعتداء قبل الأصدقاء في أصعب الظروف التاريخية التي مر بها خلال شواره النضالي والسياسي كعضو وكقيادي في إطار الحزب الاشتراكي المني- الحزب الذي وجد نفسه في مواجهة مزدوجة: الأولى مع سلطة مستبدة ترفض كل الأفكار والرؤى والمشاريع الوطنية التي لا تلبي رغبتها في الهيمنى والسيطرة على حجر وشجر وبشر وموارد وثروات ومقدورات هذه الأرض, والثانية معارضاً لمعارضة كانت في أمس الحاجة إلى مزيد من التنقية الفكرية, والتنقيح الأخلاقي, والترويض السياسي, وبالتالي فشخصية كشخصية الدكتور ياسين لا يمكن أن تقف عند محاولات هؤلاء المتساقطين من قاع الخطيئة ومستنقعات الاستذئاب, في المرحلة الأكثر انفراجاً وحيوية وحراكاً في التاريخ اليمني الحديث والمعاصر, يقول فيلسوف الهند ومفكرها العظيم طاغور " إن الخطأ لن يصير حقيقة لأنه أقوى ", وهو ما أكتشفه مجريات الأحداث في مختلف العصور, وعلى شتى الأصعدة والميادين.

بيد أن السؤال الذي يؤرق وجودنا, ويضعنا على الدوام تحت مقصلة الحاماقات والمأزومة, والمغامرات مدفوعة الأجر, هو: إلى متى سيتم رصد محاولات كهذه ضد مجهول, وتقييدها على ذمة التاريخ؟! ولماذا نتنازل –كشعب- عن حقنا في معرفةو القاتل والشرع في القتل والمشرعن والممول والداععم له؟ وإلى متى سنظل نلعن الأقدار, ونعاتب الحظ والحياة عند كل جريمة تهزكيان الحلم والطموح الذي لا نملك سواهما والبقاء على وجه البسيطة كخلفاء لعمارة الأرض, وكمكلفين بإقامة العدل والحق فيها..؟!

زر الذهاب إلى الأعلى