فضاء حر

ظاهرة حمل السلاح تهدد الجميع

 التفلت الأمني في البلاد أصبح ظاهرة تؤرق الجميع في ظل تراجع الجهات الأمنية عن القيام بواجباتها في هذا الصدد من خلال الحد من انتشار ظاهرة حمل السلاح في المدن الرئيسية وضبط النافذين والمتسلطين ومن يشكلون ميليشيات يتجولون بهم في الشوارع مستغلين الخلافات السياسية على خلفية الثورة وتعثر اللجنة الفنية لترتيب الحوار الوطني في الوصول الى صيغة نهائية تضمن صياغة دستور بما يتضمن إعادة هيكلة الجيش وإعادة هيبته لضبط الوضع الأمني .

ونظرا للجهل المتفشي بين أوساط أفراد المجتمع وحضور القبيلة التي تحكمها ثقافة السلاح في المشهد السياسي وتفتقد لآليات الحوار والنشاط السياسي الحضاري بالإضافة إلى انشغال مؤسسات المجتمع المدني الى جانب الأحزاب الأخرى في صراعات سياسية وتسليط الضوء على كسب الجماهير بسياسة لا تختلف عن سياسة النظام السابق من حيث النظر الى الكمية بعيدا عن الكيفية وتعمد استغلال جهل الناس لاستخدامهم كأدوات قتل وردع لفرقائهم بديلا عن استثمارهم لتحقيق أهداف الثورة المدنية من خلال ندوات وانشطة ثقافية عن مخاطر ظاهرة حمل السلاح، وأن حمل السلاح لا يخدم الثورة بما يضمن تغيير سلوكياتهم ايجابيا و يتفادى تعطيل الثورة السلمية من قيمها.

والمعيب أن كل الجهات تزيد من حدة التوتر بتغذية ظاهرة حمل السلاح بطريقة ممنهجة و يبررون لذلك بموقف الجيش الضعيف لمؤازرة الثورة مما أدى الى تراجع دوره في المشهد وفقدانه ثقته وهيبته وثقله.

والواجب على الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن تضطلع بدورها التوعوي والثقافي في برامجهم اليومية عن مخاطر حمل السلاح وأثره الكارثي على التنمية والاقتصاد وإهدار كل الجهود الرامية لإخراج البلد من النفق المظلم بداية من توجيه أعضاءهم ومن ينتمون اليهم في التخلي عن حمل السلاح.

فالثورة لم تأتي إلا نتيجة عسكرة المدن والقرى وقمع الحريات وتعطيل مهام الدولة في التنمية والبناء والاهتمام بالإنسان وتتحمل هذه الجهات المسؤولية تجاه هذا الأمر الخطير، فما قيمة التصريحات والحملات الإعلامية عن دولة مدنية دولة مؤسسات تحمي الجميع في الوقت الذي يتجولون بالأسلحة في الشوارع وفي داخل المقرات السياسية بما يجعل من لغة العنف والتطرف تشوه كل ادعاءاتهم وشعاراتهم في ظل واقع الترويج للسلاح وصمت جميع الجهات تجاه ذلك.

والمسؤول الأول للحد من ظاهرة حمل السلاح وزارة الداخلية التي يعول عليها الجميع في إعداد خطط لمواجهة التحدي الأمني والضرب بيد من حديد للخارجين عن القانون، ممن يرون في الفوضى بيئة خصبة للظهور وتحقيق مصالحهم الفردية، وإعادة ظاهر الثأر بقوة لتمزيق النسيج الاجتماعي والاضرار بمصالح الوطن واسقاط دور الدولة في حفظ الأمن والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى