فضاء حر

فرمتة!

يمنات

عندما يكون الإعلام أحادي القطب فإنه يمارس التضليل بشكل مطلق.. هذا التضليل بمثابة (الفرمتة) يعمل على محو ماعلق في الذاكرة أو الوعي الجمعي ليس هذا فحسب بل واستبدال ذلك بمعلومات مغلوطة ونقيضة عن أحداث وهمية لاوجود لها صنعها هذا الإعلام المظلِل، مع العلم أن الإعلام مهمته نقل الأحداث لا صناعتها ولعل شعار قناة الجزيرة للثورة اليمنية (الثورة في الساحات) خير دليل على ذلك فظلت الثورة في الساحات ولم تراوحها لأجندة تخدم طرف سياسي بعينه وهو التجمع اليمني للإصلاح (الأخوان المسلمون في اليمن)
وللسيطرة على الإعلام جعلت الرأسمالية من وسائله باهضة التكلفة وبالتالي لاتمتلكها أو لاتستطيع تحمل نفقاتها سوى القوى التي تمتلك المال بغض النظر عن شرعية هذا المال.
فعلى سبيل المثال التجمع اليمني للإصلاح الذي يمتلك الكثير من الوسائل الإعلامية من (صحف ، مواقع إخبارية ، قنوات فضائية) أستطاع أن يضلل الرأي العام بأنه معارض للنظام ،وفي أحسن الأحوال يصف البعض الإصلاح بالقول (قدم بالمعارضة وقدم بالسلطة) بالرغم من أن كلتا قدميه بالسلطة وظله فقط في المعارضة ، أي أنه جزء لايتجزأ من هذا النظام بقيادته القبلية والعسكرية والدينية.
لقد أستطاع إعلام الإصلاح بغزارته أن يمارس التضليل حسب مايريد وخاصة لعدم وجود خطاب إعلامي مخالف ينقل ويوضح للرأي العام حقيقة مايدور ، ومتكئاً بذلك أيضاً على كل الإعلام الداعم والمساند له سواء الإقليمي أو الدولي ، ومستغلاً عدم وعي أغلب اليمنيين، ففي البدايات الأولى لانحراف مسار الثورة وإجهاضها كان البعض يراهن على الوعي الذي بدأ يتخلق بل ويراهن على تراكم لهذا الوعي ، لكن ماحصل بعد ذلك كان مغاير تماماً فحتى الوعي الذي بدأ يتخلق تم طمسه تماماً فبدلاً من سلمية الثورة ( كثقافة ) بدأت تترسخ ويقتنع ويؤمن بها الجميع تقريباً بما في ذلك الأطفال نتيجة تعلمهم ذلك من الكبار ، وبعد أن تم عسكرة الثورة أصبحنا نرى الأطفال يحملون ألعابهم على شكل قطع أسلحة من الخشب (كلاشينكوف) والأدهى من ذلك أنهم يصنعوها بأنفسهم .
بدلاً من ترديد شعار الشعب يريد إسقاط النظام إلى ترديد شعار ارحل ارحل ياعفاش وفيه (1) هروب من إسقاط النظام الذي كما أسلفنا سابقاً بأنهم جزء منه إلى ترحيل صالح من السلطة ، مع أن ترحيل أي حاكم من على سدة الحكم في أي بلد يدعي الديمقراطية يأتي عبر الانتخابات وليس بثورة ــ مع تأكيدنا على أن الديمقراطية في بلدنا زائفة والإصلاح شارك في هذا الزيف ــ كان هدفها الأساسي إسقاط النظام بكل أركانه ورموزه ومحاكمتهم (2) تكريس التفاوت الطبقي بسحب لقب البطولة ( الأحمر ) من صالح ليصير حكراً على أولاد عبدالله حسين الأحمر وعلي محسن الأحمر ، وهم بذلك يفوزون بلقب بطولة ( الإستبداد ) وبكل تأكيد صالح شريكهم في هذا الإستبداد 
كذلك لاننسى كيف عمل هذا الإعلام ومازال يعمل في تلميع علي محسن الأحمر المحسوب مجازاً على الثورة والمحسوب يقيناً على الإصلاح تارة بشعار الإسلام يجُب ماقبله وتارة بحامي الثورة ، وهو في الحقيقة هرب إلى الثورة ليحتمي بها منها ليس هذا فحسب بل ويجهضها بمحاصرتها في الساحات حسب شعار الجزيرة المذكور سابقاً .
وكلنا يتذكر عندما كان الخلاف على أشده مقولة علي محسن الأحمر التي أتهم فيها علي عبدالله صالح الأحمر بأنه من احتل الجنوب واستبد الشمال ، ونتيجة لسياسة التظليل الإعلامي المتمثلة بالطمس والتلميع يطل علينا محسن في مقابلة له مع صحيفة الجمهورية الرسمية قبل أيام ليقول 🙁 بسبب تخلي صالح عن مسؤولياته كنت الرجل الأول وليس الثاني ) ، ولولا سياسة الطمس والمحو والتلميع لكان باستطاعة رجل الشارع البسيط الربط بين مقولة محسن الأولى والأخيرة ولأستنتج منها بان من قام باحتلال الجنوب واستبداد الشمال هما الاثنين معاً محسن وصالح ، أو أن أصابع الاتهام (بالاحتلال والاستبداد) ستوجه إلى محسن فقط وبشكل رئيسي من رجل الشارع البسيط حسب مقولة محسن الأخيرة .
كما قلنا أستطاع هذا الإعلام التأثير على العامة مستغلاً ليس عدم وعيهم فحسب بل أيضاً فقرهم وعوزهم وحاجتهم ، فكما أستطاع تلميع بعض رموز النظام وجعلهم قادة الثورة وصناعها وحماتها مستخدماً شعار الإسلام يجُبُّ ماقبله ، سيستطيع شراء من يؤمن بهذا الشعار كصوت إنتخابي تحت شعار القاعدة الفقهية التي تقول الضرورات تبيح المحظورات أو المفسدة الصغرى والمفسدة الكبرى ومادام كله بإسم الدين فلا ضرر من ذلك .
ولكن باستمرار هذا التظليل الإعلامي من قبل الإصلاح وبالتزامن مع ممارسة قياداته وأعضاءه لكل سلوكيات الإقصاء والتخوين والتكفير والاغتيال لكل من يختلف معهم في الرأي ، فكل هذا سيؤدي إلى تنشيط ذاكرة الرأي العام وحينها سيسترجع كل المعلومات المخزونة في القرص دي وبكل تأكيد سيكون هذا وبالاً عليهم وسينقلب السحر على الساحر لأن مادام الظلم والاستبداد مستمرين فالثورة ستندلع عاجلاً ام آجلاً.
زر الذهاب إلى الأعلى