فضاء حر

تأسيس الأزمة.. تأزيم الأسس

يمنات

نسبت مواقع، وصفحات ثورية، لرئيس الهيئة العليا لتجمع الاصلاح، محمد اليدومي، قوله، ضمن مناقشاته مع الشباب، على صفحته في الفيس بوك، أن الإصلاح ليس لديه مرشحا للانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في 2014.

وبأن الدستور، لا يمنع الرئيس عبدربه، من الترشح "لفترة رئاسية اخرى" في تلك الانتخابات. وذلك دون بيان، أي دستور يقصد.

ولأن الدستور الحالي، قد عطل عمليا، بالاتفاق على ما اسمي بـ(الآلية التنفيذية) للمبادرة الخليجية. بصرف النظر هنا عن عدم شرعية هذا التعطيل، ما يعني استبعاد امكانية القول ان هذا الدستور هو المقصود في حديث اليدومي. ولأنه يعلم، او ان المفترض فيه ان يعلم، ان هناك دستور جديد، يجري الترتيب لإعداده، في ضوء تلك المبادرة وآليتها التنفيذية، وضمن مهام ما اسمي بـ(مؤتمر الحوار الوطني)، وهو الأمر الذي يعني، كذلك، عدم امكانية القول بان الدستور، المزمع اعداده، هذا هو المقصود. الا اذا كانت هناك نية مبيتة لتفصيل هذا الدستور الاخير، على مقاس الرئيس عبد ربه. فان القول بأن الدستور لايمنع الرئيس عبدربه من الترشح، لفترة اخرى(لا يعلم مدتها)، لامعنى له، سوى في كونه يعكس غزلا سياسيا، موجها، لهذا الاخير، من تجمع الاصلاح.

واذا ما صح هذا التفسير، ولا نرى في الواقع، تفسيرا صحيحا سواه. فان هذا الغزل، غزلا سياسيا، غير عفيف، بالمرة. بالنظر الى كونه يتخالف وأسس الاجتماع السياسي، التي توخى الناس ارسائها، بعقد اجتماعي، كهدف من اهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية، التي قدم فيها الشعب، واساسا الشباب، ولا يزالان، تضحيات جسيمة من غير الاخلاقي تجاوزها او اغفالها او التعالي عليها.

 

فمن المتعارف عليه "عادة" لدى سائر البلدان التي تشهد ثورات "تنتهي الى مراحل انتقالية "تأسيسية" وتحولية" الى المراحل الديموقراطية الدائمة التي من أجلها "أساسا" تقوم الثورات، أن من يتولى ادارة المراحل الانتقالية هذه يحظر عليه الترشح في اي منصب "ضمن انتخابات هيئات الدولة" الديموقراطية الدائمة. والسبب في ذلك يرجع الى ضرورة، تجنب محذور هام "وبالغ الخطورة" يتمثل في امكانية قيام الأشخاص الذين يقودون المراحل الانتقالية تلك بتسخير كل امكانيات الدولة والسلطة، لتمرير الدساتير التي تخدم مصالحهم' ومصالح الاحزاب والقوى التي تدعمهم سعيا لتحقيق مصالح خاصة بها، هي ايضا. الأمر الذي من شأنه التأثير سلبا، على الارادة والتقرير والاختيار، لدى مختلف مكونات واطراف الاجتماع البشري المعني، و يلغم التوافق الوطني الحر، وينسف فكرة (العقد الاجتماعي)من الأساس.

 

واذا ما تم ذلك فعلا، وهو امر ممكن الحدوث، في الواقع، بالنظر الى سبق تعطيل اطراف المبادرة، لدستور مستفتى عليه شعبيا، في مخالفة، جرمية، لأحكامه. فلن يعني ذلك سوى التأسيس لأزمة اخرى، جديدة، وتأزيما لأسس العيش المشترك، التي يفترض ان يقوم عليها الدستور، بوصفه عقدا ناظما لها، عملا بذات اساليب الاستبداد، التي قامت عليها الثورة اصلا. وهو الامر الذي يضرب فكرة الشرعية الدستورية، في الصميم، ويؤسس لاختلالات، بنيوية عميقة، توفر في احسن الفروض، اسبابا ومبررات لثورة اخرى جديدة، مالم تؤدي الى الاحتراب والفوضى والخراب.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى