فضاء حر

تهويمات فيدرالية لاستكناه موقف الحزب الاشتراكي اليمني

يمنات
سبق وان كتبت عن الفيدرالية وانها خيارا هروبياً من مشكلات اليمن القائمة وانهالن تقدم حلولا لتلك المشكلات بل إنها ستعيد إنتاجها بصيغ جديده اكثر تعقيدا مما هي عليه الأن.
وكان سندي في ذلك قراءاتي لتجارب ومبررات بعض الدول في هذا السياق وأيضا واقع التشظي الذي نعيشه اليوم ..لكني وبين الحين والآخر اجد اني غير مقتنع بما كنت قد طرحت لاسيما حين أرى انسداد الأفق أمام خيار بنا الدولة الوطنية القوية في ظل وجود القوى التقليدية المتوغلة داخل الجرح اليمني وبالوقت ذاته لا املك مبررات اقنع بها نفسي تماما وعلا سبيل اليقين بإيجابية فدرالية اليمن ..
إنني شخصيا أتأرجح بين القراءات كشوكة مرصد تسجل درجات طقس في أجواء متقلبه … لكن ما أنا واثق منه حتي الأن هو ان القوي السياسية سواء المؤيدة لفدرالية اليمن او تلك المعارضة لم تبني موقفها على رؤيه موضوعيه استخلصتها من دراسات عميقة عبر منهج علمي يشخص مشاكل اليمن ويفكك أسبابها في سياق المعطيات القائمة والمحددات الموضوعية لحركة التطور التاريخي بما لها من أبعاد تستحضر نفسها ضمنا عند إعادة قولبة المسار التطوري للدولة اليمنية .. وإنما تلك الأحزاب والقوى بنت مواقفها علي أساس معطيات لحظيه لا تمسك بكافة تلابيب الموضوع وفي سياق ما يحقق لها مصالحها الانتهازية الضيقة التي لا تندرج ضمن الأطر الكلية للمصالح الوطنية الكبرى .
ان هذا التخبط الذي نقع فيه اليوم هو نتيجة لافتقارنا سواء كأحزاب او أفراد لرؤيه متكاملة مستخلصه عبر منهج علمي بحثي نتناول من خلاله المشكلات ونفكك أسبابها ومن ثم نصيغ الحلول المثلي علي أساس مخرجات البحث وفوق أرضية المصلحة الوطنية العليا.
الأدهى والأمر في هذا السياق هو ان بعض المكونات السياسية التي يمكن ان نعتبرها من دعاة بنا الدولة المدنية الحديثة لا تعرف ماذا تريد.
وان عرفت ما تريد فهي حتما لا تعرف حتي الأن كيف تصل الى تحقيق إرادتها في بنا الدولة المنشودة ..بينما القوي التقليدية الاستقلابية للطموح المدني في المقابل تعرف ماذا تريد وأيضا للأسف عرفت كيف تحقق إرادتها تلك في إعاقة مشروع بنا الدولة الحديثة …وهكذا يستحضرني البيت الشعري الفايل (جئت ..من أين ؟ لا ادري ..لكني أتيت …. ثم أبصرت قدامي طريقا فمشيت )) حتي وان كان هذا الطريق سيودي بنا الي بوابة الجحيم .
الملفت للنظر بالنسبة لي هو الموقف الأخير للحزب الاشتراكي والداعم بقوه لفدرالية اليمن .
كيف نقرأ هذا الموقف المسبوق بموقف فاترا وغير متحمس للفدرالية خاصة وان هذا الحزب بحكم تاريخه السياسي وتضحياته الوطنية الكبرى هو افضل من يملك رؤيه لبنا الدولة المدنية بل واصدق المكونات السياسية وفق معايير الأيمان الوطني والإنساني
كيف نقرأ موقف الحزب هذا من فدرالية اليمن لاسيما في ظل غياب تام لخطاب سياسي منه شارح لهذا الموقف من قيادة الحزب او مؤسساته في الوقت الذي سبق ان ربط فيه د:ياسين سعيد نعمان بين الفيدرالية ووجود الدولة الضامنة والان تتغير المعادلة لتصبح الفدرالية هي الطريق الأمثل لبنا تلك الدولة وإيجادها .
اخشى ان يكون خطاب الحزب هذا هو بداية لرده وطنيه سياسية يتموضع عبرها الحزب في منتصف طريق التاريخ دون ان يقع في الكفر الوطني ومن نقطة التموضع هذه يعيد ترتيب علاقته التشظية مع الجنوب في مختلف الأطر الاجتماعية والسياسية والجغرافية ..بصفة هذه الجغرافيا التاريخية والسياسية والاجتماعية هي حاضنته الأولى .
وعلي ضوء تطور معطيات المرحلة القادمة التي يكون الحزب قد انجز فيها ترميم علاقته مع الجنوب ودارة عجلة الزمن القريبة في صنعاء يستطيع بعدها أن يقيم فرص إمكانيه بنا مشروع الدولة اليمنية علا كامل التراب اليمني من عدمها وعلي ضوء نتائج ذلك التقييم بمشاهدة الواقعية المستقبلية سيحدد الحزب قراره التاريخي من مكان تموضعه هذا في المشهد الفيدرالي الجديد .هذا المشهد الذي أبقا للحزب الخيارات مفتوحة على صنعاء وفتح له نوافذ اكثر قوه نحو عدن من خلال تبنيه خيار فدرالية اليمن بإقليم جنوبي واحد.
ففي حال أسقرت عملية التغيير والتحول الي تخليق فرص جدية لبنا مشروع الدولة الحديثة واختزال القوي المتوغلة في صنعاء داخل منظومة الدولة القوية والقادرة والتي سيكون الحزب مكون فاعل في تخليق تلك الفرصة فبالإمكان مواصلة النضال تحت هذا الهدف وفي ذلك الحيز الإيجابي .
أما في حالة تعثر عملية بنا الدولة اليمنية لذات الأسباب والقوي التاريخية فان الحزب حينها سيتخذ الخطوة الثانية التالية للفدرالية وهي فك الارتباط عن الشمال وبنا دولة الجنوب .
وما يعزز هذه القراءة عندي هو حرص الحزب ليس النابع من رؤيته وتجربته التاريخية وإنما من هو المكونات الجنوبية في الإبقاء علا الجنوب إقليما واحدا في المنظومة الفيدرالية القادمة.
هذا هو السياق الذي امكنني فيه ان أقراء موقف الحزب الاشتراكي المتحمس للفيدرالية .

زر الذهاب إلى الأعلى