فضاء حر

صديقي المناضل الجسور ابو مرتضى …!

يمنات
اعذرني يا صديقي الشهيد عبد الكريم احمد جدبان اذ لا وقت للحزن الاَن قد نعبر عن حزننا العميق لاحقا ولكن اليمن اليوم على خطر عظيم إذ بجريمة اغتيالك الاثمة اهتز كل شيء واقول كل شيء فعلا ومن لا يعترف بذلك او يدفن رأسه عنوة في الرمال من التافهين فلن اتوقف امامه وامثاله كثيرا ويقيني انهم سيكونون غدا على راس قائمة طعام الجريمة المنظمة التي تقتطع كل يوم جزاء منا ومنهم ومن يمن الجميع.
غير ان ما لفت نظري هو ان قناة المسيرة وبعض المواقع الاخبارية التي تحدثت اليوم عن خبر استشهادك وبالتالي تاريخك النضالي الكبير لم تشر الى اهم محطاته واكثرها صعوبة وايلاما في حياتك وحياتنا .. سجنك ومطارداتهم لك!
و لمن لا يعرف من جيل الشباب اليوم من انت يا صديقي النبيل وما هي خلفيتك النضالية اتوقف فقط عند منتصف ثمانينات القرن الماضي – لم اعد اتذكر السنة – حين تم اعتقالك بطريقة همجية من قبل نظام صالح ومن وسط مدينة صعدة مغرب ذات يوم اسود ومن قبل عناصر الامن الوطني حينها “السياسي الان” وبواسطة كمين امني محكم ثم تم اخفائك حينها لأشهر في سجن دار البشائر بصنعاء اخضعت خلالها يا صديقي العزيز لأبشع انواع التعذيب..
نعم ابشع انواع التعذيب ومما اخبرتني به -لاحقا- انهم كانوا يربطون قدميك بمعصميك ويضعون بينهما العصي ثم يقومون بإلقائك لتتدحرج على درجات السجن “من الطابق الثالث حتى الطابق الارضي” فضلا عن التعذيب بالضرب المبرح بالأيدي والعصي والاسواط..
ياه يا صديقي لم نكن انا ورفاق لك حينها نجرؤ للبحث عنك وكنا نتخذ حيلا عديدة لمعرفة اخبارك وحين تم الكشف عنك وعن مكان سجنك بعد اشهر طويلة لا زلت اتذكر كيف كان استاذنا معا (عبد الله هاشم السياني) يخبرنا بانه قد استطاع وعن طريق اقاربك المسموح لهم بزيارتك (والدك على ما اضن او شقيقك سليمان) ابلاغك برسالة خطية وضعت على ياقة القميص “الزنة” التي ادخلت لك مع بعض الطعام وفيها تم اخبارك باننا نتابع اخبارك ونحس بآلامك ونبحث عن كيفية الافراج عنك والتعريف بقضيتك على مستوى اليمن والعالم..
في ذلك الحين كنا نلتقي في منزل الصديق علي الذاري بالروضة وبطريقة سرية جدا لنتدارس امرك وكيف يمكن ايصال قضيتك الى الراي العام والى المنظمات الحقوقية..
و لا اكشف سرا الان اذا ما قلت لروحك الطاهرة بان كتابي المطبوع الاول “لماذا صعدة 87” والذي طبع في بيروت ونشر باسم مستعار “محمد الصعيدي” وبمشاركة استاذي عبد السلام الوجيه لم يكن هذا الكتيب سوى جهدا بسيطا بذلناه نحن الاربعة للتعريف بقضيتك وبقضية صعدة التي لم تصبح لدى بقية العالم قضية الا بعد الحروب الستة بدأ من العام 2004م وتاليا وحتى اللحظة فيما كانت في الحقيقة قضية وطنية بامتياز ومن اللحظة التي اعتقلت انت فيها يا عبد الكريم واخفيت على اهلك وعلينا جميعا ايها المناضل الجسور والشهيد العظيم..
لن اتحدث عن مطاردات نظام صالح لك ولرفاقك بعد خروجك من سجن دار البشائر ولن اتحدث عن اعتقالك واخفائك تحت الارض وتعذيبك في عمان ولأشهر طويلة ايضا في سجون الملك الاردني (الحسين) ضمن تعاون اجهزة الامن العربية ضدنا نحن العرب..
أيضا لن اتحدث عن عصاميتك وعن مؤلفاتك ودابك المستمر رغم كل الظروف وعن تلك اللحظة التي جئتني وحيدا الى مركز الدراسات والبحوث – وقد افترقنا بل واختلفنا في اطر النضال الطويل- لتطلب مني ان اسعادك في اختيار الشعار الانتخابي بعد ان قررت ان تترشح مستقلا عن احدى دوائر مديرية رازح وكيف كنت مستغربا ان تغامر وتترشح مستقلا بعد ضرب وتمزيق حزب الحق ولم يكن عندي اي شعور بإمكانية فوزك امام الحيتان الكبار في تلك الانتخابات الصعبة (2003م) ولكنك فجئتني قبل ان تفاجئهم بفوزك الملفت وبالتالي حصولك على مقعد المديرية الوحيد..
لن اتحدث عن اشياء كثيرة فيك وفي ذكرياتي معك وساترك لرفاقك الجدد “انصار الله” علهم يعيدون اكتشاف ذاتهم من جديد ويكتشفون بعضا من جذور قضيتهم الوطنية التي لا يعرف الكثير من الشباب اليمني عنها الشيء الكثير حتى اللحظة وان كان القتلة والجلادون يعرفونها جيدا..
في رحاب الله يا صديقي ولن ننساك ابدا ولا نامت اعين الجبناء..

زر الذهاب إلى الأعلى