أخبار وتقارير

لحظات صعبة تمر على الرئيس هادي .. فمن يحسم المعركة أولاً ؟

يمنات – عبد الله بن عامر

مؤسسة رئاسية مختطفة وإعلام رسمي مرتهن..
يكاد يُجمع الكثير من المراقبين والمتابعين على أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يعيش لحظات صعبة بعد كشف الكثير من الخيوط حول عملية اقتحام مجمع الدفاع وتورط قيادات مقربة منه وجهات سياسية لها ثقل في المشهد السياسي ومواجهتها قد يُعد أمراً صعباً بالنسبة لرئيس لم يتمكن بعد من تحرير الجيش بشكل كامل من قبضة القادة العسكريين ولم يتمكن من تغيير المنظومة الأمنية المرتبطة أيضاً بنفس القوى التقليدية التي تؤكد المعلومات أنها متورطة في عملية استهداف الرئيس .
التغطية على الجريمة بعد فشلها
لقد كان المُخطط جهنمياً .. هكذا قالها الرئيس حسب ما نقلته وكالة سبأ بعد يوم واحد من عملية اقتحام الدفاع إلا أن الرئيس نفسه لم يتفوه بكلمة واحده تتحدث عن الجهات المتورطة أو تكشف حقائق ما يدور في كواليس السياسة بل لم يُعطي الرئيس أي مؤشرات قد تقود الجماهير لمعرفة ما يدور.
اليوم وبعد صراع إعلامي محتدم في مؤسسة الرئاسة اليمنية التي تؤكد الاحداث أنها مختطفة ل صالح جهة سياسية حاولت التقليل من الحادث الإجرامي خلال ساعاته الأولى بل وذهبت نحو القول أن الهجوم على الدفاع لم يكن يستهدف الرئيس.
و لعل الدور المنوط بهؤلاء كان يقتضي الاستعداد لمرحلة ما بعد نجاح العملية إلا أن حالة الارتباك التي أصابت الإعلام الرسمي تؤكد أنهم لم يكونوا مستعدين لعملية فشل الانقلاب ولهذا ظهرت الاجتهادات الشخصية ل مسؤولين في الإعلام منهم الوزير الذي نفى أن تكون القوات الأمنية قد ألقت القبض على أي مسلح شارك بعملية الدفاع مؤكداً أن الجميع قتلوا.
تحدث الوزير بهدوء تام وكأنه يثق بأن هناك جهة أمنية ستقوم بتهريب أو تسهيل فرار من تم القبض عليهم لأن المعلومات أكدت ان 3 أشخاص من المسلحين أصبحوا في قبضة أجهزة أمنية سيادية. إلا أن الوزير أنكر ذلك في سياق التغطية على الحادث ولملمة الموقف بالتزامن مع تحركات مكثفة قامت بها قوى ومراكز نفوذ محسوبة على اطراف الأزمة (المؤتمر والإصلاح) وبشكل يثير الاستغراب أن تتحرك تلك القوى من قادة عسكريين ومشائخ تقليديين بهدف احتواء الموقف وممارسة الضغط على الرئيس حتى يتم إغلاق ملف القضية بينما كانت الشرطة العسكرية لا تزال تقوم بعملية تمشيط مبنى مجمع الدفاع والأحياء المجاورة.
ارتباك مستمر
وسارع إعلام الظل أو الإعلام المُساند الى رمي التُهم هنا وهناك فبعد أسابيع من الترويج ونشر الاخبار عن اعتزام الحوثيين قلب نظام الحكم والسيطرة على العاصمة سارعت تلك الوسائل وبعد فشل العملية بساعات الى التلويح بأن صالح ونظامه هم من يقفون خلف العملية بينما ألتزمت الوسائل الإعلامية التابعة ل صالح الصمت وقامت بتغطية الحدث بشكل أكثر مهنية دون أن ترمي بالتهم هنا وهناك إلا أنها سرعان ما حاولت التأكيد أن القاعدة هي من تقف خلف العملية لكن لم تجب تلك الوسائل عن القاعدة المقصودة ؟ وكأنها تريد إثارة التساؤلات فقط تاركةً الإجابة للرأي العام.
و بينما كان الإعلام يقدم معلومات عن محاولة استهداف الرئيس وتعميم مصطلح “الانقلاب” كانت جهات سياسية تسارع الى ترشيد الخطاب الإعلامي لتلك الوسائل حسب مفهومها كي تعمل على التقليل من الحادث.
و وقعت تلك الوسائل في تناقضات كبيرة جداً فكيف أن ننفي أن الرئيس لم يكن هو المستهدف في الوقت الذي تحاول التأكيد فيه أن صالح ومن معه هم من يقفون خلف الحادث؟
هل من المعقول أن يستهدف صالح مشفى به أطباء عاديين دون أن يكون هدفه راس السلطة لأن تلك الوسائل لم تتوقف بعد عن التحذير من عودة صالح وطموحه الى استعادة الحكم. إنه الارتباك الذي وصل الى حد الاستعانة بالأدوات الإعلامية الفعلية كمراسلين الصحف والوكالات الخارجية بل ووصل الأمر الى الأدوات الإقليمية والأجنبية من المحللين والكتاب في صحف عالمية.
من أهداف العملية
إنه خطة “جهنمية” فعلاً ولها أكثر من هدف فالهدف الأول اغتيال الرئيس التوافقي والبدء في تنفيذ خطة ما بعد القضاء على الرئيس والتي تتضمن تنفيذ خطوات كلها تصب نحو إعادة إنتاج التحالف القديم وإلغاء مؤتمر الحوار وإعادة الأوضاع على ما قبل 2011م فالحوثيين يشكلون إزعاج كبير ووصولهم الى السلطة وخوضهم المعترك السياسي خطر كبير على تلك القوى , والحراكيين غير مرغوبين بهم في صنعاء ومؤتمر الحوار لو تم تنفيذ مخرجاته ل أصبحت تلك القوى منزوعة النفوذ والثروة سيما في المحافظات الجنوبية.
كذلك هناك رسائل لدول إقليمية التي قد تكون متورطة عبر طرف غير رسمي في العملية فالسعودية كانت مُرغمة ومن ورائها الأمريكان على التعامل مع الانقلابيين كونهم الطرف الأقوى فيما لو نجح الانقلاب.
و كانت السعودية ستبادر الى إعادة فتح قنوات التواصل وضخ الاموال بينما يتكيف الموقف الأمريكي مع الموقف السعودي علاوةً على استغلال الولايات المتحدة العملية بهدف تنفيذ اهدافها في التواجد العسكري والأمني بشكل أكثر وفي استغلال حاجة الإنقلابيين الى شرعية دولية عبر مقايضة ذلك ب امتيازات أخرى تحصل عليها الولايات المتحدة في اليمن.
فرصة تاريخية للرئيس
الكثير من الأسباب التي لا مجال لذكرها هنا تدفع تلك القوى لتنفيذ مخططتها لاستعادة الحكم بشكل كامل, لكن دعونا نؤكد أن الرئيس هادي أمام اختبار صعب وفرصة تاريخية عليه أن يكون جديراً في التقاطها واغتنامها واستغلال حالة الغضب الشعبي لكشف كل الحقيقة والبدء في إحداث تغييرات جذرية تطال كل مراكز النفوذ وتطهير المؤسسة العسكرية والأمنية من كل أتباعهم. وإلا فإن المخاطر ستظل محدقة بالرئيس هادي كيف لا والمؤسسة الرئاسية لو صح إطلاق تسمية مؤسسة عليها مختطفة والإعلام الرسمي يراوح مكانه في ديوان الشيخ ولا تغييرات حقيقية في مستوى الخطاب الإعلامي الموجه للشعب سوى التضليل والتحريف والتزييف وخدمة التوجهات الحزبية الضيقة .
حسم المعركة من يبدأ
لعل التعامل الإعلامي مع قضية الدفاع واستهداف رئيس الجمهورية يؤكد أننا أمام حالة غريبة فرضتها المبادرة الخليجية إلا أن مسألة التمرد عليها ليست مستحيلة استنادا لحالة الإجماع الشعبي ضد الإرهاب ومن يقف ورائه ولولم يتخذ الرئيس القرار الشجاع في هذه اللحظة التاريخية فإنه المسؤول الأول عما يحدث وقد يدفع تأجيل الرئيس حسم المعركة مع القوى التقليدية الى أن تتخذ تلك القوى زمام المبادرة وتكون السباقة الى حسم المعركة مع القوى الجديدة وعلى رأسها الرئيس نفسه . بالتأكيد أن موقف الرئيس ليس ضعيفاً الى تلك الدرجة التي قد يتحدث بها أي صحفي يتابع الوضع بشكل يومي حيث أن الرئيس يمتلك الشرعية الشعبية وله من القوات النظامية والقادة العسكريين الكثيرين ممن ضاقوا ذرعاً من تلك القوى وتدخلاتها المستمرة في الجيش والأمن وتحكمها بكل شيء وممارساتها الفساد من حضرموت حتى صعدة عبر المنافذ البرية والبحرية.

زر الذهاب إلى الأعلى