فضاء حر

القيادات السياسية العجوزة بين “تابيد المشاكل” و “تبديد الحلول” (الارياني مثالا)

يمنات
الدكتور عبد الكريم الارياني نموذج للقيادات السياسية التقليدية التي قادت اليمن في الطريق المسدود منذ 1962
ولا زالت هذه القيادات محكومة بثلاثة مبادئ:
المبدأ الاول: الارتباط ب”الرجل الكبير” والدفاع عن أخطائه وتمهيد الطريق امامه ليحكم “الي الابد”
المبدأ الثاني: “تأبيد المشكلات” تمهيدا لتحويلها الي حلول .. فإذا كان التمديد المفتوح للفترة الانتقالية والعجز الفاضح لهادي مشكلة .. يتم تحويلها الي حل تحت ذرائع الوضع القائم .. واذا كانت المحاصصة السياسية هي المشكلة بتم الحفاظ عليها لتتحول لاحقا من مشكلة الي حل!
المبدأ الثالث: “تبديد الحلول” .. تم تبديد الوحدة عام 1990 كحل بالدخول في حرب 1994، ويتم تبديد الحوار الوطني كحل بالاتجاه للتمديد المفتوح للفترة الانتقالية ومشاكلها..
ومع تبديد الحلول يتم تبديد حلم الحد الأدنى من الوطن ليستمروا في مستوي الحد الأعلى من الامتيازات..
في حواره المطول جدا لم يقل الارياني شيئا، ولم يتحدث عن جوهر ما حدث ويحدث. ..فالحوثيون الذين كال لهم الاتهامات ليسوا الا النتيجة .. نتيجة لمرض سياسي قاتل أصاب الدولة والحكومة بعد توقيع المبادرة وانتخاب هادي..
لم يذكر الارياني شيئا حول “اصل المشكلة”…حول الوضع الشاذ لرئيس سلم عمران وسلم صنعاء دون قتال، ولرئيس يصدر اوامره للجيش بالبقاء في ثكناتهم بينما العاصمة يتم احتلالها من عصابة مسلحة .. ولرئيس يحكم اليمن بخليط من العجز والتواطؤ .. وهو التواطؤ الذي يصل احيانا الي حد الخيانة..
لم يذكر شيئا حول توريث السلطة المبكر لنجلي هادي بعد ثورة قامت ضد التوريث ولا حول نهب الخزينة العامة غير المسبوق من قبل هادي و “عائلته” الحاكمة الجديدة..
لم يذكر شيئا حول سقوط الدولة نتيجة لتدمير الفترة الانتقالية والعبث بها وللتحايل علي تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار..
يقوم الارياني بالخلط بين السبب والنتيجة .. فبعد ان كان التمديد لهادي وسياسات هادي لضرب الخصوم وخلط الاوراق سببا للسقوط المريع، يتحول هادي علي يد السياسي العجوز إلي حل..
ويصبح بقاؤه ضرورة.. وتصبح العودة الي السياسة والانتخابات انقلابا، بينما يتم تصوير “الانقلاب” علي المبادرة الخليجية والتمديد المفتوح لهادي علي انه الوضع الطبيعي!
تحدث الإرياني كثيرا حول المفاوضات مع الحوثي، لكنه لم يتحدث عن السبب الذي يدفع دولة لديها عشرات الالوية العسكرية المقاتلة للتفاوض مع حركة تحشد المرتزقة والمقاتلين لتحاصرها من جميع الجهات..
فالمشكلة عزيزي السياسي المحنك ليست في “فشل” المفاوضات وانما في مبدأ التفاوض من الأساس! وفي ارتماء الدولة تحت حذاء الميليشيا التي تحاصر عاصمة الدولة..
لم يذكر الارياني حرفا واحد حول السؤال الذي يبحث له اليمنيون عن اجابه “لماذا لم يقاتل الجيش”؟ ولا حول صمت هادي القاتل وعدم اتخاذه اي رد فعل يتناسب مع حجم الكارثة..
لم تسقط القيادات السياسية اليمنية في فخ ادارة البلد بالأزمات فقط، لكنها وصلت الي حد الخلط بين المشكلات والحلول، وتأبيد المشكلات بتحويلها الي حلول” عاجلة”..
فاذا كانت المشكلة هي التقاسم يتم حله بالمزيد من التقاسم، واذا كانت مشكلة الجنوب هي النهب والغاء الهوية يتم حل مشكلته بالمزيد من النهب (لناهبين جنوبيين هذه المرة) ولتشويه اكثر للهوية يوقعه في حضيض المناطقية والسلفية..
تفنن السياسيون التقليديون في صناعة المشكلات حتي صارت المشكلات الحاضنة الصناعية التي لا يستطيعون التنفس او العيش خارجها..
صاروا يعيشون علي “تأبيد المشاكل” و “تبديد الحلول”..
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى