فضاء حر

بدلا من الدولة المدنية عدنا إلى مجتمع هوبز

يمنات
في فترة مضطربة من التاريخ الانجليزي حيث الحرب الأهلية (1642-1651). وهي قترة كانت بريطانيا تعيش حالة فوضى. هنا ظهر هوبز في فلسفته السياسية واهتمامه بمسألة العقد الاجتماعي وتزايد اهتمام الخاصة والعامة بكتاباته التي تصف حالة الفوضى والحرب الأهلية باعتبارها من سمات حالة الطبيعة (الحالة الإنسانية تسبق وجود المجتمع المدني أو الدولة) حيث يسعى الافراد إلى تحقيق رغباتهم و مصالحهم بطرق انانية وغير قانونية و أن هذه الدوافع هي المحرك الأساسي لهم.
و في حالة الطبيعة, فلا يمكن التكلم عن الصح او الخطأ في حالة يكون فيها كل فرد يدافع عن وجوده و مصالحه فيصبح كل شيء مباحا, و بما أن قانون الطبيعة يملي على الفرد أن يصون حياته و مصالحه يصبح مباحا على الفرد أن يقتل الآخر اما دفاعا عن ما لديه او هجوما ليأخذ مما لدى الآخر ليزيد من منفعته و فرص بقاءه.
و لكي يخرج الناس من هذه الحالة يجب أن تكون هناك قوة تضبطهم و ترعبهم, و الرجال حسب هوبز يخافون من أحد أمرين: إما قوة الله أو القوة الحقيقية الممثلة بالعنف, و يرى أن قوة العنف أقوى في عقول الرجال من قوة الله لأنها ترعبهم اكثر بما أن أثرها مباشر و واضح.
و بذلك تصبح الطريقة الوحيدة للخروج من حالة الطبيعة هي إنشاء قوة مشتركة تلزمهم بقوانين و تحميهم من بعضهم و من الغزو الخارجي و تحمي مصالحهم.
و هذه القوة ليست الا مؤسسة الدولة واليات عملها القانونية وهو الامر الذي تبلور في فلسفة العقد الاجتماعي وماتبعها من فلسفات وصولا الى تبلور واقع الدولة ومؤسساتها ودساتيرها وكل ذلك رافقه تطور مدني واقتصادي وثقافي خرج معه الانسان من مجتمع اللادولة واسلوبها الهمجي في النهب والقتل وفرض الامر الواقع سواء تم ذلك بمبررات دينية او اساطير وهمية.
الانسان الفرد والمجتمع هو حقيقة تتعالي على جملة الاساطير والاديان جاءت في خدمة الانسان. ومن هنا تتبلور الحالة المدنية في التعامل والتفاعل الاجتماعي وكلما ارتقى المجتمع في مؤسساته وانظمته كان دليلا على العقلانية والرشد .. أما اعتماد الحروب العبثية وفرضها كواقع يخضع له الجميع فهذا ليس الا عودة الى مجتمع هوبز حيث تنتهي الحالة المدينية ويبدأ الجميع في القتال، فيغيب القانون و تصير القوة هي القانون والفوضى يتم تعميمها ليستفيد منها نفر قليل بيدهم مصادر القوة المالية والتدميرية ولكن الجميع سيتعرضون لمظاهر الفوضى وحتى الضعفاء سيحملون السلاح.
هنا يكون الحل الوحيد العودة الى بناء الدولة ومؤسساتها والياتها القانونية لتكون هي الناظم الرئيس لحقوق الافراد وتفاعلاتهم وهي الممثلة للمجتمع وتحظى بشرعيتهم.
واليمن اليوم إما أن تعود الى بناء الدولة وتعزيز فاعلية مؤسساتها وفق مبداء المواطنة واما العودة الى مجتمع اللادولة وسيكون لكل مواطن وجماعة نصيب من القوة ودور فاعل في تقرير مسار العتف والفوضى فتكون الهمجية عنوان لهذا البلد وما يرافقها من التخلف والانحطاط والبداوة.
من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى