فضاء حر

اليسار بين شعار المطرقة ومسبحة الإخوان

يمنات
لو كان يعلم عبد الفتاح أسماعيل الذي أحترق بنارها أن المنجل الذي رسمه في مخيلته لحصد سنابل النور سيبدأ بحصاد حياته مع رفاقه لما عاد من روسيا ولقرر ان يكون درويشا في الطرقات أفضل من أن يكون فكرة مطاردة في الأزقة.
المطرقة أيضا هي ذاتها كسرت باب الرفيق عبدالفتاح وداهمت بيته وهشمت صوره الحائطية لأنه لم يعد الرفيق الاممي عبدالفتاح إسماعيل .. إنه عبدالفتاح الحجري .. هكذا قالت المطرقة الجنوبية التي كانت شعاره الأقدس.
أتحدث عن اليسار ومثاليته وأدبياته العليا..
و عن تشوه نفوسنا الذي جعل من اليسار ضبابي الرؤية .
الآن اليسار يعيش حالة من الانحراف المنهجي في منطلقاته حتى باتت الفكرة مسخا أسوء من الرأسمالية..
الآن اليساري كائن غرائزي عنيف لا يقل عنفا عن الأفكار الرجعية التي كانت خصمه اللدود..
للأسف .. و بحزن أقولها .. هو زمن سقوط الاقنعة و هزيمة الشعارات..
أخطر شيء فعله الحوثي أنه اخرج كل شيء إلى السطح و جعلنا نرى تشوهاتنا التي كنا نخفيها بوضوح مؤلم ..
هل يعقل..?? من كان يصدق أن الرفاق الذين كنا نراهم بحجم الوطن كانو أضيق من عقال سعودي..
الرفيق ياسين يؤدي اليمين الدستوري على بلاط ألعن دولة رجعية متخلفة و ينتصر لأفكاره في مستنقع الوهابية الرأسمالية البليدة..
لم تكن الخطوة ميكافيلية على الاقل .. إنها حالة استسلام و وخنوع و خيانة لكل ما دعي له..
أصبح المشهد أشبه بنكتة ساخرة غبية في بيت عزاء..
بينما القواعد اليسارية تقاتل الأن جنبا الى جنب مع داعش و الاخوان..
كان صحفيهم و كتابهم يكتبون عن الرجعية الإمامية بإزدواجية عجيبة!!
و بينما الاسرة السعودية التي شكلت أخطر سلالية أختصرت هويتنا كعرب جميعا كان اليسار يحاضر عن النزعة العرقية في الخطاب الحوثي ..
و بينما كان الوطن يحتضر كان اليسار يبكي على تعز!! تعز وحدها..
إنها حالة من الانفصام المريع..
الأمر لم يعد مثيرا للشفقة إنه بات أكثر من ذلك..
أو ليست هي المثالية المفرطة التي جعلت خيالك فردوس و واقعك عين الجحيم..
أو ليسوا أوسع من الكون و أضيق من مشنقة..
و في الأخير أنا أكتب عن هذا اليساري بيدي اليمنى ليس نكاية به بل لأنه بات يمينيا متطرفا اكثر من ان يكون على الأقل يمنيا..

زر الذهاب إلى الأعلى