العرض في الرئيسةفضاء حر

الجمهورية الثانية تتطلب قيادات جديدة وثقافة جديدة

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

تاريخيا كان انهيار الدولة في اليمن وتعميم الفوضى ينجم عن صراعات سياسية وجهوية من اجل الغنيمة والسلطة .. و كان الصراع يدفع بقوى محلية للارتهان بالخارج من اجل الدعم والمساندة .. و هي نظرة قاصرة تنظر الى الدعم الخارجي و كأنه غير مشروط و دون اجندة تابعة (او تتجاهل ذلك) و خلال القرن العشرين كان هذا الامر اكثر وضوحا لكل اليمنيين كبار السن و صغاره ممن قراء و لو نزرا يسيرا من هذا التاريخ او من استمع لكبار السن وحكاياتهم .. فالخارج العثماني و البريطاني هو اول من صنع حدود تفصل اليمن الى شطرين و قبل ذلك كانت اليمن كلها واحدة تحكمها اما دول متعددة او دولة واحدة لبعض الوقت ثم تنهار وفق صراع مع زعامات محلية، و كان الوعي بالهوية اليمنية راسخا في وعي الافراد و الجماعات.

و كانت مختلف المدن عواصم لدويلات وزعامات لاتنتهي .. ثم جاء الائمة و كان الخارج ناظم لسلطتهم من خلال اتفاق دعان مع الاتراك ثم من خلال هزيمة 34 مع السعودية ومع البريطانيين الذين اخذو الضالع من الامام في نفس العام الذي تم فيه صك اتفاقية الطائف سيئة السمعة.

و مع ثورة سبتمبر العظيمة بأهدافها و انجازاتها و دلالاتها فان استقرارها كان وفق حوار ومساومات مع قوى الثورة المضادة حيث اتفق الجميع على اعتماد الجمهورية نظام و احترام الدولة و كانت الشراكة في مختلف المؤسسات.

هذا الاتفاق تم بدعم و صناعة الخارج الاقليمي والدولي و تكرر تدخل الخارج حتى في صراعات القبيلة مع النظام خاصة نظام صالح.

و خلال الفترة الاخيرة كانت النخب قبليا وعسكريا وحزبيا وغيرها يرتبطون بالخارج من اجل التمويل والدعم المالي، و تشكل من هؤلاء طابور كبير في خدمة الخارج ضدا على مصالح الوطن و الشعب و تجلي في اعاقة كل مشاريع القوانين المدنية و التحديثية، و في عقد صفقة الحدود دون معرفة الشعب و تغييب رأيه باستفتاء كما تفعل كل الدول المحترمة، ناهيك عن استمرار تغييب الدولة و اضعاف مؤسساتها.

و مع احداث 86 ، 94 كان الخارج الاقليمي و الدولي حاضر في صناعة هاتين الكارثين و في وضع المعالجات ايضا، و كان الداخل و لا يزال يوجه بصره نحو الخارج لتسول دعم مالي او سند سياسي.

و مانراه اليوم ليس الا امتداد لما سبق و الدلالة تكمن في غياب النزعة الوطنية او ارجائها لمقام ثالث و رابع مقابل الاولوية للخارج و مصالحه مقابل مكرماته المتعددة.

اذا .. التفريط بالسيادة كان بطلب من الداخل و لم يكن مؤمرات من الخارج .. حتى البريطانيين في استعمارهم عدن توجه السلاطين نحوها لعقد تحالفات لدعمهم ماليا و بالاسلحة مع ان بريطانيا اهملتهم في السنوات الاولى لوجودها الاستيطاني.

نحن امام نخبة حزبية و قبلية و عسكرية و ازلامها في مختلف المواقع لا مجال للوطن في تفكيرهم الا كغنيمة و لا مجال للانتماء الوطني الا للقبيلة و العصبية او ازعومات حزبية و مليشاوية لاسند واقعي لها.

اخيرا .. رغم كل التضحيات والبطولات للشباب اليمني في مختلف المدن (خاصة تعز) و قوة ايمانهم بالمدنية و الدولة و الهوية الوطنية (فهم وحدهم رمانة الميزان في تغليب النزعة الوطنية و جعلها محل انتماء وولاء دون غيرها) فإن تلك النخب البائسة هي التي ستتحاور و تكون المساومات بينها و هي من سيؤول اليها السلطة الرسمية حال ايقاف الات الحرب و العدوان على الشعب.

و اتصور ان هذا الاخير لو حصل لن يكون الا هدنة مؤقتة لنعود نحو دورة عنف اطول و اكثر ضراوة .. مالم نؤسس دولة وطنية تمنح الاولوية لغرس ثقافة وطنية تلغي من الواقع والفكر اي ثقافة عصبوية وتجرمها دستورا و قانونا و تخلق بديل مدني و لو تدريجيا ليكون راسخا في مرتكزاته و متغلغلا في وعي الافراد و المجتمع.

يحتاج اليمنيين الى وطن ودولة من اجل تحقيق الاستقرار و من اجل اعلاء كرامتهم و حتى لا يكونوا لاجئيين في شواطئ و سفارات الدول الاخرى.

فهل يعقلون..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى