العرض في الرئيسةفضاء حر

ارفعوا ايديكم عن سلطة القضاء ودعوا العدالة لبسطاء الناس

يمنات

نجيب شرف الحاج

أي طرف يستحوذ ويسيطر على السلطة في هذا البلد نجده سرعان ما يبدأ يكشر عن انيابه و يستخدم القضاء كسوط و أداة يسلطها على خصومه السياسيين..؟!

القضاء اليوم ملزم اكثر من أي وقت مضى للنظر في كافة القضايا ذات الطابع السياسي، و المنظورة امامه و البت فيها من الناحية القضائية فقط، بعيدا عن الملابسات و المماحكات السياسية التي شهدتها و تشهدها البلد، خاصة و أن هذه الممحاكات و الدعاوي الانتقائية قد استدعتها ظروف و أحداث سياسية استثنائية في خضم هذا الصراع المرعب و في خضم ثورات وأحداث عنيفة ارهقت البلد والناس فلم يبقى للناس أي ملاذ يلجئون اليه سوى القضاء، الذي يتوجب عليه اليوم الحفاظ على شيء واحد لا يزال بإمكانه الانتصار له و المحافظة عليه في خضم هذه الاحداث والتقلبات و المتغيرات ؛وهو استقلاله و نزاهته و عدم خضوعه لتقلبات السياسة او الميل وفقاً لرغبات و أهواء الساسة، و غداً ستتغير الاحداث و سنجد القضاء سوطاً بيد طرف اخر يسلطه على خصومه السياسيين بقصد النيل منهم و ملاحقتهم و إسكات اصواتهم .. فماذا تبقى لبسطاء الناس..؟!

ان لم يكن القضاء غير عادل ونزيه، حتى و لو كان تحت سيطرة و ضغط قانون سياسي معين .. فكيف يمكن ان نسميه قضاء!  و ماذا تبقى حينها من هيبة القضاء و من قدسية رسالته، فإذا كانت الكثير من القيم السامية قد دنست يتوجب اليوم على القوى المتصارعة و على الاطراف السياسية ان يتركوا على الاقل العدالة و محرابها القضائي للشعب، و ان يكفوا عن استخدام القضاء كسوط يسلطونه على رقاب خصومهم السياسيين من وقت لأخر.

هذا ما شهدته اليمن منذ حقبة طويلة و تشهده اليوم في ظل الملاحقات القضائية الانتقائية التي برزت مؤخرا ضد الخصوم السياسيين، و من قبل سلطة الامر الواقع التي جعلت من القضاء اداة لأحداثها، فتجلت ارادة الساسة على اعمال القضاء، و هذا ما سيجعل الامور تمضي دوما بالاتجاه الخطأ ضد المنطق و ضد العدالة و ضد مفهوم الحق و روح القانون، و ستظل اليمن تعاني من جرح مفتوح كلما شعر الناس بضعف العدالة و خذلان القضاء و عدم انتصاره لهم في مواجهة السلطة و القوة و النفوذ، فلا يزال الناس في هذا البلد يتطلعون الى وجود قضاء ينتصر للضعيف قبل القوي، فالقوة و الضعف لا يؤخذان في الحسبان، و ما يؤخذ في الحسبان هي الحقوق، و هي مسئولية سيتحملها القضاة امام الله و أمام الأمة و الضمير الانساني، فوثائق و مداولات و أحكام و قرارات القضاء تسجل وقائع تاريخية مهمة؛ و تعطي مصداقية كبرى لرواية احداث التاريخ، كما تعكس ثقافة و حضارة الشعوب و طرق تفكيرها و القوانين و الأعراف السائدة فيها؛ في مرحلة معينة و منها يتبين تطور القوانين و العقوبات و طرق و تنظيم العلاقات داخل الدولة و علاقتها مع الخارج.

ارفعوا ايديكم عن سلطة القضاء و دعوا العدالة لبسطاء الناس و لعامة الشعب. فالقانون لا يعرف شيء اسمه غطرسة القوة.

زر الذهاب إلى الأعلى