العرض في الرئيسةفضاء حر

الحروب تصنع الحدود

يمنات

نجيب الحاج

لقد توقفت عجلة الحرب وأحداثها العنيفة عن الدوران وحل بدلآ عنها واقعآ جديدآ لخوض غمار ها على طاولات المفاوضات المعلنة وغير المعلنة بدلآ عن جبهات القتال، يليها تدشين مرحلة من الجرع والجبايات الممنهجة والمفروضة على الناس و بنفس طويل.

طوال فترة الحرب ظلت الشرعية والتحالف وأدواتهم يتفاخرون أنهم أنقذوا البلد من الحوثة ومليشياتهم، وبالمثل ظل الحوثة ومن معهم يتباهون ويتغنون بأنهم أنقذوا البلد من تحالف العدوان ومرتزقتهم وأتباعهم..؟!

في حين واقع حال جميع الأطراف في إدارة الدولة ومؤسساتها كحال “الذئب الذي أدعى بأنه أنقذ الماعز من عدة وحوش ثم بعد ذلك قام بأكلها. قال أنها بحق تعبه” .- حسب توصيف الشهيد المغدور به محمد العبسي لهم في بداية الحرب.

كل يوم تتكشف للناس طلاسم الحرب وآدواتها وآربابها ومسعريها والتخمة ورغد العيش الذي ينعم به أثريائها وتجارها ولصوصها، وما كشفه مؤخرآ تقرير منظمة أوبك عن حجم الثروة النفطية التي تم سرقتها ونهبها وبيعها منذ بداية الحرب، ما هي إلا مجرد نقطة من بحر فهناك كميات مهولة لم تدخل في السجلات تم شفطها وبيعها بإشراف السلطة المحلية في مأرب وتهريبها عبر الكثير من المتنفذين والقيادات العسكرية التابعين للتحالف وأباطرة النهب والفساد في مكتب عبدربه وعلي محسن وقد ذهبت عائدات تلك المبيعات الى جيوب وأرصدة منظومة الفساد في “الشرعية”.

كذلك هو حال الجبايات المهولة التي تستقطعها سلطة صنعاء من الضرائب والجمارك والاتصالات ومن كافة المؤسسات الإيرادية..!

كل يوم يمر من زمن الهدنة والحرب يكشف عن بلد تستباح من السأس حتى الرأس، وعن نخب قبيحة ورخيصة وجشعة وأنانية لا يفكرون سوى في أنفسهم..!! جميعهم ينهبون ويسرقون ويكنزون ويهدمون كل شئ..! يقسمون البلد ويتقاسمون غنائمها وثرواتها ومقدراتها المستباحة.

لم يعد للدولة ومؤسساتها أي إدارات تعمل سوى قطاعات الجباية التي تفرضها الجماعات المسلحة المتحاربة المسيطرة على الأرض.

جميع الأضداد متواطؤن ومتفقون على سلوك نهج وسياسة الإفقار والجبايات وإنتاج مجتمع خائف .. مفكك .. متناحر .. مشحون بثقافة الجهل والتبعية والحقد والتعصب .. مجتمع يمتهن الحرب بديلآ عن العلم والعمل والإنتاج في زمن مجنون ووضع مختل فاق قدرة الناس على إحتمال أوجاعه وأعبائه وكوارث زعاماته الصراعية، منها كارثة التدمير الممنهج لقطاع التعليم وإنتاج جيل جاهل مشوه الوعي يجري العمل عليه من خلال فرض قيود وجبايات على قطاع التعليم.

لقد تكشفت وأتضحت طلاسم الحرب والذرائع والأعذار، ولم تعد مقنعة للناس ولن تدوم طويلآ.

زر الذهاب إلى الأعلى