العرض في الرئيسةفضاء حر

التحول من الدولة الى القبيلة الى الطائفية

يمنات 

د. فؤاد الصلاحي

ناضل العرب ومنهم اهل اليمن طويلا بهدف الخروج من مرحلة اللادولة واقبيتها البدائية في الارتباطات الجهوية والمذهبية وصولا الى مرحلة الدولة وهي مرحلة التحرر والمدنية حيث القانون والعلم والمواطنة ..وهو نضال مشروع وفيه زعماء تقدرهم الشعوب ..

بالرغم ان العسكرتاريا وحلفائهم من جماعات واحزاب مارسوا اجرائيا كل ممكنات وأد الدولة وتغييب مفاعيلها مؤسسيا وقانونيا .

الخطير في الامر ان هناك من الشباب وهم خريجوا جامعات من يعتقد ان الارتباط بجماعات جهوية ومذهبية وحزبية هو غايته ومراده ، وان هذا الارتباط هو الوطن بالنسبة له ، وعلى اساسه يسب الاخرين وينتقدهم او يتخذ موقف منهم ..مع العلم ان الارتباط بهويات ماقبل وطنية انما هو ارتباط بهويات قاتلة للوطن وللعمران البشري وللمواطنة ..

وهنا لابد من اعادة العمل بالتبشير والدعوة نحو اكساب العامة والخاصة وعيا حداثيا بمغهوم الدولة والوطن والمواطنة ومخاطر الهويات الجهوية ..فلاشيئ في عالم اليوم الراسمالي والديمقراطي والعقلاني يبرر لافراد او لجماعات او لاحزاب الانعزال عن متغيرات العصر ثقافيا وفكريا وسياسيا والقبول فقط بماديته واختراعاته .. فهذه الجماعات والاحزاب تعيش حالة من الانفصام في الشخصية والوعي والادراك ، فهي تتعامل مع احدث تكنولوجيا العصر مدنية وعسكرية وتعتمد المصارف بنظامها العالمي وخطوط الطيران والهاتف ومع ذلك تصر على حبس وعي اتباعها ومعهم المجتمع في زوايا مظلمة من التاريخ تتشكل معها حالات مرض جماعية تضر بالانسان الفرد ومجتمعه دون الخارج الذي يتجاوزهم وينطلق نحو آفاق التطور اللامحدودة ..

في اليمن كما في عموم المنطقة لانريد امتلاك منصات اطلاق الاقمار الصناعية مع انه من حقنا ان نحلم وان نسعى لهكذا تطور ، لكن في الاول لابد من ان نعيش كمواطنين تحترم حقوقنا مدنيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا وعقائديا ايضا ، وان نزيح من الثقافة واساليب التنشئة فكرة الامارة بالتغلب او القبيلة الزعيمة او الاجبار والاكراه لمن امتلك ادوات القوة ، فهذا امر اصبح غير مقبول ، فالمجتمع بتعدده اجتماعيا وبتعدد المهن والمصالح قادر على ان يولد مسارا مدنيا يذهب معه نحو الدولة ..ولانريد من البعض ان يصر على جهله (كما قال ..احدهم ..لاجهلن فوق جهل الجاهلينا) بل نريد الخير للجميع ، وهذا لن يكون الا بتحول مدني ديمقراطي ..صحيح ان هذا التحول لايتحقق بمجرد الدعوة اليه والتبشير به بل لابد له من قوة اجتماعية تشكل معادل موضوعي كقوة مادية على ارض الواقع وتنتظم عبر روافع متعددة حزبيا ونقابيا وفق ممكنات المسار المدني ..لانه من السهل العودة الى عقلية البداواة وحمل السلاح من الجميع والارتقاء تنظيما وتدريبا وبالتالي تعميم الفوضى والقتل وهو امر لايتطلب اكثر من ايام قلائل ، ولعل ما حصل خلال العام الاخير في عموم المنطقة العربية ومنها اليمن يؤكد صحة ما نقوله …

الصعوبة الكبيرة والجهاد الاكبر هو في مسار التطور والتنمية وهو مسار يتطلب اكتساب التعليم والمعرفة والخبرة والثقافة وهو مسار يتطلب تنشئة سياسية تتشكل معها صورة الوطن والدولة والمواطنة واحترام القانون في وعي الجميع .. وهو مافشل التعليم في القيام به خلال 34عام لانه كان تعليما مختطفا من احزاب تجعل من تحية الجهاد اولوياتها في طابور الصباح كما هو حاليا يتم فرض الصرخة لطلاب الابتدائي في نفس الطابور ..

وفي نفس السياق تم استقدام دعاة مأجورين لشرعنة كل ما يعارض بناء الدولة والمواطنة في خطب ومحاضرات للجنود في معسكراتهم ومانجده اليوم من ضراوة القتل والقصف نحو المدنيين الابريا الا نتاج لذلك وكله نتاج عمل سياسي مخطط وممنهج من سنوات ضمن مشروع لم يكتمل فكان الانتقام من عامة المجتمع . خاصة وان ظهور لاعبين جدد فضح هذا المشروع لكنه حل محله بطريق بائسة جدا . ..لااحد يتصور انه ينتصر للوطن -لليمن- بل الجميع يدمرونه ويقتلون القيم والانسان فيه ،ويخلعون المواطنين من انتمائهم للعودة نحو اقبية الماضي ..الجميع مهزومين ..

لان وطنهم وشعبهم هو الضحية ..الجميع يتفاخر بان دول الجوار تستدعيه للحوار وتنزله في فنادق خمس نجوم ويعجبون جميعهم بهذا التطور ولايسألون انفسهم لماذا لاتكون اليمن كجيرانها على الاقل من ناحية حضور سلطة مؤسسية وتزايد معدلات الدخل وتحسين المعيشىة والاستقرار مع العلم ان اليمن سبق هؤلاء جميعا في بناء الدولة وتنظيم السلطة وسن القوانين بمايقارب سبعة الاف عام ..صفوة القول ..

من الخسارة ان يضيع نضال العرب -نضالنا في اليمن – وان يتجه المجتمع بالعودة نحو القبيلة والطائفية والتبعية للخارج مع هدم الدولة وكل القيم المرتبطة بها والتي وكانت ولاتزال اهم روافع الخروج من البداواة والصحراء نحو المدنية والحضارة .. كتبنا عن هذه الامور منذ ثلاثين عام ومعنا لفيف من المثقفين والاكاديميين وغيرهم وكان لنا اسهام في تأصيل المسار السياسي والثقافي والتنموي نحو مسار مدني ديمقراطي فكانت اطروحتنا الاولى نحو بلورة مشاركة سياسية ووعي سياسي للفلاح اليمني ثم بناء الدولة والمجتمع المدني ودمج القبيلة في مسار التنمية والتحديثة ثم تتابعت الاسهامات وتزايد عددها من نخبة شكلت ولاتزال أنموذج للمدنية والثقافة الوطنية .. اخيرا ..وبكلمة واحدة لامستقبل لليمن الا بدولة وطنية مدنية ووفق جغرافيتها الطبيعية ..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى