فضاء حر

هل سيقتلنا الاكتئاب سويا!

يمنات

عمران الحمادي

متعب أنا وخائف كثيراً ياأمي، فكرت في ليل كئيب بأن أبعث رسالة لأحدهم لعل ذلك يخفف عنا فكتبت له عن مدى فقداني له وحشرت الكثير من العبارات العاطفية بتلك الرسالة التي ندمت على ارسالها عندما قال لي للتو:

لاتتعبني معك وخلينا أصحاب، والجماعة قد وظفوك مخبر معهم.!

بقيت لساعات تتملكني الحيرة ولم أجدني إلا وأنا أكاد أختنق من كمية الضجر التي نزلت عليّ والتي تسبب بها شخصاً عشت معه لسنوات ويدرك تفاصيلي وكلمته عن كل شيء وأفصح لي عن كل شيء يدور في حياته ومحيطه .

فلم يكن محيط ذلك الشخص يختلف عن محيط حياتي حيث الرتابة والتعاسة الدائمة والظروف القاسية فكلانا عشنا تجربة الإصابة بمرض الاكتئاب الذي كان يجعل كلاً منا في حالة يرثى لها .

تذكرت كيف كنت أهوي داخل حفرة عميقة من البكاء الذي لايبارحني حتى في المنام ولازلت أذكر عندما ذهبنا سوياً لأحد الأطباء النفسيين بمشفى الأمل وكم كنا متلهفين لحظة الشفاء من هذه التجربة، كنا تعيسان أيظا لدرجة تشابهنا في عدم إخبار من كنا نتوقع إنقاذنا مما نحن فيه وعندما امتلكنا شجاعة القول للأهل عند اصابتنا بالاكتئاب، لم يتحمل كلاً منا نظرات الأقارب ونصائحهم وبأنه يجب علينا أن نكون أقوياء وطرد هكذا أفكار.!

لم يجد أحدنا سوى الآخر طبيباً وأباً وأما وكل شيء .

وبقى كلاً منا في حالة من الهذيان لتوقعنا بالموت بأي وقت .. واستمرينا بمعاودة الطبيب النفسي حتى دخل كلاً منا في إدمان على علاج لانزال كلانا نحاول الخروج منه بأسرع وقت .

لم نكن ندرك أو نفكر بأننا سنصل إلى لحظة انسحاب احدنا عن الآخر .. هكذا يحاول صديقي بعد تعليقه الطويل على صدمته بأنه لايريد إزعاجي ولا يريد أن يشغلني به كما يقول .

في تعبير منه على مدى حرصه علي .. وحين حاولت أن أشرح له كمية احتياجي له وبأني دخلت موجة أخرى من عودة الاكتئاب قال لي بأنه يمر بمرحلة صعبة ولا يستطيع تحمل نوبات مرضاً خبيثاً كالاكتئاب .

لاشيء يهلك النفس أكثر من الدخول مرة أخرى بهذا الضيف المرضي القاتل الذي يعود بشكل متكرر ممارساً طقوسه على جسد هزيل .

وضحت لصديقي الذي رديت عليه برسالة قصيرة بأن لا أستطيع تناول علاج الاكتئاب لكي أستطيع المعيشة لفترة طويلة كوني أعيش بكلية واحدة .. فقال لي تناول فمالفائدة من حياة لم ترحمنا لفترة بسيطة .

صديقي الذي اختار خياراً كارثياً عندما ترك أهله وذهب لاحدى جبهات القتال بعد أن نغص أهله حياته فما وجد نفسه إلا وهو يحمل بندقية حاملاً اكتئابه معه بشكل مخيف .

لم تهدأ محادثتنا الحزينة يوماً واحداً فكلانا ينزف وكلانا يحتاج للآخر .. وكلانا يخاف رحيل الآخر فهل صدفةً سيقتلنا الاكتئاب سويا.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى