فضاء حر

هل كانت ثورة فبراير ضرورة؟

يمنات 

د. عادل الشرجبي

تحل اليوم الذكرى الحادية عشرة لثورة ١١ فبراير “المُجهضة” أو غير المكتملة، الثورة التي أجهضها المتسلقون وأدعياء الثورة ممن كانوا شركاء لعلي عبدالله صالح خلال فترة حكمه الطويلة، الذين همشوا شباب الثورة، ولم يكونوا يرغبون في تغيير ثوري حقيقي، بل كان هدفهم خلع علي عبدالله صالح من منصب رئيس الجمهورية، والإبقاء على نظامه للاستفادة منه. ولعل أوضح مثال على ذلك هو اختزالهم لعملية إعادة بناء “restructuration” القوات المسلحة أو إعادة هيكلتها أو ما عرف في لغة الصحافة ب”هيكلة الجيش” إلى مجرد تغيير أسماء بعض الوحدات، واستبدال بعض قادة الوحدات العسكرية الموالين لعلي عبدالله صالح، بأخرين موالين له أيضاً، الأمر الذي أبقى على شبكات الموالاة التي بناها علي عبدالله صالح داخل بنية الجيش،الأمر الذي مكنه من قيادة ثورة مضادة بدعم من شركاء جدد.

منذ أكثر من سبع سنوات ترزح اليمن تحت وطأة حرب طاحنة بين شركاء علي عبدالله صالح القدماء، مدعومين بشكل مباشر من تحالف عربي بقيادة المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة، وشركائه الجدد مدعومين بشكل غير مباشر من “قوى” عربية وإقليمية، وخلال سنوات الحرب توقف الطرفان عن دفع مرتبات موظفي الدولة، وتعطلت منظومة الكهرباء الوطنية ومؤسسات تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، وانهارت العملة الوطنية، وانتشر الفقر والغلاء والبطالة، ورغم أن علي عبدالله صالح هو المسؤول عما آلت إليه أوضاع اليمن واليمنيين، فإن مواليه يحملون ثوار فبراير مسؤوليتها، ويقولون: بأن ثورة فبراير لم يكن لها ضرورة، ويرددون مقولات ساذجة وسطحية، ويخاطبون ثوار فبراير: “ثرتم ضد علي عبدالله صالح الذي كان يدفع مرتبات ويوفر الكهرباء”.

بداية ينبغي إدراك أن ثوار فبراير لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب القائمة، فأطرافها الداخليون هم شركاء علي عبدالله صالح القدماء من جانب (جناح عسكري بقيادة علي محسن الأحمر، وجناح مشائخي بقيادة آل الأحمر، وجناح ديني بقيادة الزنداني، وجناح سياسي بقيادة عبد ربه منصور هادي وسلطان البركاني) وشركائه الجدد ممثلين بأنصار الله (الحوثيين) من جانب أخر.

ليس هدف هذا المقال تحليل الحرب وأطرافها وآثارها، بل الإجابة على سؤال واحد فقط، هو: هل كان هناك ضرورة لثورة فبراير؟ والإجابة على هذا السؤال ببساطة هي: نعم، كان هناك ضرورة لثورة فبراير، فقد أشعلها شباب اليمن الوطنيون بعد أن شغل علي عبدالله صالح منصب رئيس الجمهورية لأكثر من ٣٣ سنة، منها حوالي ٢١ سنة بعد توحيد جمهوريتي اليمن، وما أسمي زوراً وبهتاناً “التحول الديمقراطي”، لن أتحدث عن المبررات الاجتماعية والاقتصادية للثورة، وانتشار الفساد والفقر والمحسوبية وإضفاء طابع عائلي على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية، وسأكتفي بالحديث عن مبرر سياسي واحد، يتعلق بمبدأ التداول السلمي للسلطة، فدساتير الدول الديمقراطية تحدد ولايتين رئاسيتين لرئيس الجمهورية، مدتهما ثمان أو عشر سنوات، فيما علي عبدالله صالح ظل يتلاعب بالدستور كما يريد وحكم ٢١ سنة في ظل نظام يدعي أنه ديمقراطي، ولم يكتف بذلك بل أعلن مولاه سلطان البركاني قبل ثورة فبراير بأسابيع بأن مجلس النواب الموالي لعلي عبدالله صالح سوف “يقلع عداد” الولايات الرئاسية، عبر تعديل دستوري يجيز له تولي منصب رئيس الجمهورية مدى الحياة، وفي ظل سد كل قنوات التغيير والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة، فإن الثورة على نظام علي عبدالله صالح كانت ضرورة لابد منها، وخلعه من منصب رئيس الجمهورية بأسلوب ثوري كان أمراً مبرراً.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى