العرض في الرئيسةفضاء حر

الواقع السياسي العربي والمراهنات الاقليمية والدولية ..

يمنان

د. فؤاد الصلاحي

في دول الربيع يتجلى مشهد سياسي دراماتيكي حيث الازمات سياسية واقتصادية وانسانية تعكس مظاهر الفوضى والعبث السياسي ويعيش المواطن حياته اليومية بين الرجاء والخوف والامل وبين نخب حكومية وحزبية تتطلع للخارج الاقليمي والدولي من اجل الارتباط به والتعلق بمشروعيته ضمن مراهنات دولية واقليمية تشبه اللعبة السائدة لدى نخب المال ومحدثي النعمة حيث المتعة واللذة في مشاهدة متصارعين في الحلبة يقتل احدهما الاخر او مصارعة الثيران واخيرا مشاهدة نخب محلية تدمر شعوبها من اجل ان تحظى بصداقة ذلك الخارج ..

الدول العالمية التي ظهرت فيها نخب وطنية ولائها لوطنها ولشعبها خرجت من ازماتها سريعا وفق مشروع بناء دولة حديثة وبرامج تنمية اعتمدت علاقات خارجية وفق مبدأ احترام السيادة والدولة اولا ..او لا علاقة مع اي دولة لا تحترم هذه السيادة..

وهنا يحترم العالم اي دولة واي حكومة ولائها لشعبها وتأتي بصوت الشعب ذاته ..اليوم اليمن تضيع بين رهانات اقليمية تتوزع معها جماعات واحزاب محلية في الولاء نظير التمويل ومثلها دول اخرى ..العراق وليبيا وسوريا وليس بعيدا الجزائر والسودان وقبل ذلك الصومال …

اليمن لا يحتاج الى الدعم المالي الخارجي كتخفيف للازمات مع استمرار عواملها ومسبباتها .. اذا تم الاتفاق السياسي وانهاء حالة الاحتراب واعادة بناء الدولة ونظامها الجمهوري ففي اليمن خيرات متعددة ومتنوعة تتطلب مؤسسات نزيهة وموظفين يحترمون القانون ..

لكنها معادلة صعبة ان تحصل على مؤسسات وافراد ونخب وقيادات يحتكمون للقانون في حين هؤلاء جميعا سببا مباشرا للازمة الراهنة …هنا نكون امام مساران مختلفان ..شعبي يطالب بدولة القانون ومسار للنخب يطالب بدولة المحاصصة والغنيمة ..

ولو نظرنا الى مؤشر الفساد لهذا العام كما ظهر في تقرير منظمة الشفافية الدولية نجد دول الربيع حاليا وهي دول تعيش ازمات مركبة ومعقدة كلها ذات مستويات عالية في الفساد وغياب الحوكمة ..

صفوة القول اننا نعيش في واقع يعكس بؤس الممارسة السياسية مع انسداد آفاق الحلول والمعالجات وتكيف الشعوب مع الازمات بطرق و تحايلات متعددة نظرا لغياب الدولة ..

هذا الواقع اشبه بمسرح كوميدي متواضع، المشاهد يسخر من الممثلين والمخرج وهؤلاء بدورهم يسخرون من المشاهدين الذي حضروا للمشاهدة مع علمهم ان المسرحية متواضعة او قل رديئة .. لا يمكن للعرب الاعتماد على رهانات الخارج من اجل تحقيق مصالحهم الداخلية ..

مصالح العرب يجب ان تكون أولوية في تفكير العرب انفسهم والارتفاع بمنسوب الولاء الوطني والتأكيد انه لا استقرار سياسي الا من خلال حضور الدولة الوطنية الحديثة ومؤسساتها المدنية بعيدا عن اوهام تاريخية ذات نزعات عصبوية او دينية فالاساس دولة حديثة تقوم على مبداء المواطنة ودون ذلك مزيدا من التشظي والانقسام تحقيقا لرهانات الخارج ومصالحه الكولونيالية .

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى