أرشيف

الجورشي يؤكد حاجة الضمان الاجتماعي إلى إصلاحات ويدعو المجتمع المدني إلى فتح نقاش حول إنقاذ القطاع العام في مجال الصحة والتعليم

أكد الدكتور «صلاح الدين الجورشي» أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية حزمة واحدة، غير قابلة للتجزئة أو التقسيط«فحق العمل لا يمكن مقايضته بالحق في التعليم،ولا يمكن أن تركز منظمات المجتمع المدني جهودها على تحقيق أهداف الألفية وفي مقدمتها القضاء على الفقر، دون أن يكون لها حضور ومتابعة للانهيار الذي أصاب الأسواق التقليدية في ظل المنافسة غير المتكافئة بين بعض الصناعات المحلية والدولية».

جاء ذلك في رؤيته حول الإصلاحات الديمقراطية في المنطقة العربية من المنظور الاقتصادي الاجتماعي، المتضمنة في دراسته الموسومة بـ«الحقوق الاقتصادية والاجتماعية» والتي تناقش المرجعية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص وإعلان الحق في التنمية والمبادرات الدولية وموقفها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من إعلان برشلونة إلى مبادرة ساركوزي، وخطة مجموعة الدول الثمانية لدعم الإصلاح، ورؤية البنك الدولي والمبادرات العربية والإقليمية والإصلاحات الاقتصادية.

الدراسة التي عرضت اليوم في الطاولة المستديرة حول موضوع (مبادرات الإصلاح الديمقراطي في اليمن وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ) التي ينظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان (HRITC)قارنت بين بعض أنظمة الضمان الاجتماعي في الدول الأوروبية وأميركا، حيث تشير إلى فرنسا التي شهدت انتفاضة واسعة لمواجهة مشروع تعديل نظام التأمينات الاجتماعية، وألمانيا التي نزل مواطنوها إلى الشوارع للتظاهر ضد محاولة النيل من حق التعويض على المرض، فيما يشكل نظام التأمينات الخلل الرئيس في النظام السياسي الأمريكي الذي لا يزال يرفض الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما جعل المجتمع الأمريكي مليئا ببؤر ضحايا عدم المساواة بين المواطنين.

وأوضحت الدراسة أن أنظمة الضمان الاجتماعي في العالم العربي بحاجة إلى إصلاحات جوهرية لمساعدة منخرطيها على مواجهة التحولات الجارية بنسق سريع والتي تهدد بشكل مباشر مصالح هؤلاء، وقد تعرضهم وأسرهم إلى مخاطر محدقة في المستقبل القريب.

وشددت الدراسة على وجوب التوقف عند هذه المسألة، والتعرف على أوضاع الصناديق الاجتماعية، والبحث عن ثغراتها، ومعرفة آراء واقتراحات جميع الأطراف المعنية بهذا الملف. فالضمان الاجتماعي -حسب الدراسة- يشكل عصب النظام الاجتماعي برمته، فهو الآلية التي من خلالها يتمكن الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى من مواجهة الأزمات الفردية والتقلبات الصحية وغيرها.

وفيما يتعلق بالصحة ترى دراسة «الجورشي» وجوب فتح نقاش معمق من قبل منظمات المجتمع المدني حول الآليات الكفيلة بإنقاذ القطاع العام في مجال الصحة، ووضع حد لحالة التدهور المستمرة لخدماته. إضافة إلى ارتباط هذا الملف بإصلاح أنظمة التأمين الاجتماعي، بما في ذلك التأمين على المرض.

وتناولت الدراسة ما حدث للنظام التعليمي في العشرين سنة الأخيرة التي أوضحت أن التعليم احتل فيها أولوية واضحة في الصراعات الاجتماعية الجارية.

وقالت الدراسة في هذا الجانب: لم تعد مؤسسات التمويل الدولية تعترف بعدم المساس من مبدأ مجانية التعليم، ووجدت الأسر نفسها مدفوعة تدريجيا للمساهمة في نفقات التعليم في كل مراحله بما في ذلك التعليم الأساسي في بعض الدول، ودخول المؤسسة التعليمية في كثير من دول المنطقة في أزمة هيكلية، وهو ما جعل المردود العلمي والبيداغوجي لمدارس وجامعات القطاع العام يتراجع بشكل ملموس.

وأشارت الدراسة إلى تفاقم ظاهرة الانسحاب المبكر من الدراسة خاصة في صفوف البنات،مؤكدة أن ذلك عمق ظاهرة ما سمي بالأمية الجديدة، التي يقصد بها عودة التلاميذ المنقطعين عن التعليم لأسباب اجتماعية واقتصادية إلى حالة الأمية الكاملة. «كما دخلت المنافسة بين القطاعين الخاص والعام مرحلة صعبة، حيث وجدت عشرات الآلاف من العائلات المتوسطة الدخل مضطرة لتسجيل أبنائها وبناتها في مدارس خاصة، يطغى عليها الجانب التجاري، مما زاد في إرهاق هذه الأسر اقتصاديا واجتماعيا. وهكذا تتأكد الحاجة لتعميق النقاش أيضا حول هذا الملف نظرا لارتباطه الشديد بحق أساسي وهو الحق في التعليم.

الطاولة المستديرة حول موضوع (مبادرات الإصلاح الديمقراطي في اليمن وآثارها الاقتصادية والاجتماعية )التي بدأت اليوم وتستمر غدا نظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ANND التي أطلقت مشروع (الإصلاحات الديمقراطيّة في المنطقة العربيّة: التركيز على السياسات الاقتصاديّة – الاجتماعيّة) بالشراكة مع "صندوق الأمم المتحدة للديمقراطيّة" (UNDEF) وهو مشروع إقليمي (ابريل2007 – ديسمبر 2008 ) يشمل سبعة بلدان هي: لبنان، مصر، المغرب، البحرين، السودان، اليمن والأردن.  و يهدف إلى دعم وتعزيز التطورات الديمقراطية في المنطقة العربية من خلال تعزيز حوار صادق وشفاف حول الإصلاحات المطلوبة بمشاركة مختلف المعنيين على الصعيدين الوطني والإقليمي وتسليط الضوء وفتح نقاش حول عوامل التغيير الاقتصادي-الاجتماعي الضرورية، باعتبارها جزءاً من عمليتي الدمقرطة والإصلاح الناجحتين وتتمة للتغيير السياسي والثقافي في البلدان العربية بحسب بلاغ صحفي عن مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان.

وهدفت الدراسة التي عرضت في اللقاء وحصل «يمنات» على نسخة منها إلى البحث عن مدى ترابط الإصلاح الاقتصادي بالإصلاح السياسي، كما هدفت إلى معرفة ما إذا كانت التعديلات التي نفذت في السياسات الاقتصادية والاجتماعية قد ساهمت فعلا في تحسين شروط المشاركة الشعبية وتوفير فرص أفضل للمحاسبة والحكم الرشيد والتأثير على صناعة القرار ؟. وما هي رؤية المجتمعات المدنية العربية لقضايا الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ومقترحاتها وحجم مساهمتها في التصدي للسياسات والاختيارات التي من شأنها أن تلحق مزيدا من الأضرار بالفئات الاجتماعية الأكثر عرضة للتهميش والتفكك؟.

زر الذهاب إلى الأعلى