فضاء حر

نجاح الثورة المصرية يعري فشلنا

بصرف النظر عن اختلافنا الفكري و السياسي نسبيا مع الأخوان في مصر و تحفظاتنا على خلفيات الدعم الدولي و الإقليمي للرئيس مرسي في اتخاذه قرار اقالة رئيس المجلس العسكري و أركان الحرب و تعيين نائب له .. فإنني أحترم شجاعته و حسمه للخيارات التي تتطلبها المرحلة الثورية ..

نستطيع ان نعترف بكل خجل أن ثورة مصر نجحت بكل المقاييس و أن النظام السابق سقط بكل المقاييس ..

و بالمقابل يجب علينا أن نعترف أمام نجاح الثورة المصرية أن ثورة اليمن لم تنجح و أن النظام لم يسقط ، بل إننا يجب أن نعترف بأن ثورتنا أسفرت بتثبيت النظام و تكريسه و جددت له عمره الذي كاد أن ينتهي ، و أعطت كل رجالاته المجرمين و المفسدين و النافذين حصانة من الملاحقة التي كانت تؤرق مضاجعهم قبل الثورة و أثناءها .

أمام نجاح ثورة مصر و حسم استحقاقاتها تباعا و بكل وضوح ، تتعرى المؤامرات التي حبكت لثورتنا في اليمن و تظهر حقيقة المكائد التي كانت تطبخ للثورة داخل ساحاتها و خارجها ، و تفصح النتيجة الهزلية لعام من الثورة في ساحات و شوارع اليمن عن حقيقة المصير الذي كان يراد لهذه الثورة أن تصل إليه .

الثورة المصرية أطاحت بالنظام و حاكمتهم و فرضت خيار الديموقراطية في اختيار الرئيس و أقالت بقايا النظام و لم تتردد في استعادة الجيش من يد المجلس العسكري ، و ثورتنا ثبتت النظام و كرست ثقافته و تقاسماته و أعطته شرعية جديدة و جددت لمؤسساته المنتهية صلاحياتها و أعطت بعض رموزه الطغاة و المفسدين حصانة و البعض الآخر حصانة و وسام الثورية ، و سلمت السلطة لرجالاته السابقين و انتخبت رئيسا من الحزب الحاكم السابق نفسه و بالطريقة الانتخابية نفسها التي كانت تتم سابقا ، و شكلت لجان للحوار برئاسة الحزب الحاكم نفسه السابق ، و قسمت الجيش و الأمن بين نفس الفريقين الذين كانا يحكمان و يتقاسمان من قبل .

الثورة المصرية أخرجت المقموعين و المتضررين من جور النظام من داخل السجون لتوصلهم إلى الرئاسة و السلطة و أنصفت كل الشهداء و المعتقلين و المقموعين و فرضت اعتراف الداخل و الخارج بالثورة و بالتغيير ،و ثورتنا في اليمن أخرجت الطغاة و المفسدين و المجرمين من مأزق السقوط لتعيدهم إلى السلطة  ، و أخرجت المظلومين و المقموعين الذين ذاقوا جور النظام و سجون النظام و تعذيب النظام من مربع الثورة لتعيدهم إلى دائرة الاتهام و مرمى القمع و التنكيل و التهديد، و أعادت رجالات القمع و التنكيل و الفساد ليكونوا هم الثوار و هم القانون و هم الوطنية و الثورية ، كأنما الشعب اليمني خرج ليثور فقط لأجل تغيير علي صالح الذي فشل في تصفية الوطنيين و الأحرار و القضاء على المطالب و الاستحقاقات التاريخية ، كأنه لم يخرج ليثور لأجل تغيير علي صالح الذي قمع و أفسد و أجرم و مكن المفسدين و الطغاة و القتلة من السلطة و النفوذ ، و اسقاط كل مخلفاته و رجالاته و محاكمته و محاكمة كل من استفاد من تمكينه و أفسد تحت مظلته و امتلك النفوذ و الجاه و المال بتمكينه ..

الثورة المصرية  أحرجن ثورتنا ، و نجاح ثورة مصر فضح كل من تآمر على ثورتنا داخليا و خارجيا .. ثورتنا التي لا أحد يعترف بها حتى الذين أتوا لينصبوا انفسهم قادة لها يتحاشون الاعتراف بها و يسمونها أزمة ارضاء للخارج و للشركاء في الداخل .

أعتقد أن الدعم الدولي الذي يمتلكه عبد ربه منصور هادي لا يقل عن الدعم الدولي الذي يمتلكه مرسي ، غير أن الفرق أن مرسي يستند إلى ثورة شعب بينما ثورتنا اصبحت تستند إلى السعودية و أياديها في اليمن و أمريكا و أياديها في اليمن إلى أن وصلت إلى الوقت الذي أصبحت تستجدي تحقيق جزيئات مطالبها من الرئيس هادي الذي لا يعنيه ثورتنا و لا يعترف بها.

استطاعت ثورة مصر أن تأتي برئيس يقيل قائد الجيش الموحد و أركان حربه و هم في حالة توحد و تمكن و يمتلكون النفوذ و القوة و التأييد السعودي ، و ثورتنا أتت برئيس لم يجرؤ على إقالة رئيسي المجلسين العسكريين المختلفين و المتنافسين و الذين يشكلان توازنا و إقالتهما أسهل بسبب تفرقهما و انقسامهما و تسابقهما على الظهور بمظهر المطيع للرئيس ..

يبدو أن مصيبتنا ليست سوى في تسليمنا ثورتنا و هي بكر عذراء لرجالات النظام الذين اغتصبوها و رموها في الشارع برعاية سعودية امريكية . و لذلك فإن رئيسنا ليس محكوما بالاستحقاق الثوري بل بما تمليه اجندات من اغتصب الثورة و من يرعاهم .

زر الذهاب إلى الأعلى