فضاء حر

أين سيجلس الدكتور ياسين؟

لم يعد من مبرر لبقاء اللقاء المشترك, لقد تكون هذا الكيان في ظرف تاريخي ضدي كانوا مضطرين فيه لتكوين عصبوية سياسية لمجابهة حالة الرئيس الأسبق وهو يقود البلد متلاعباً بقدرات كل حزب على حده.

لقد تقوَّض السبب لقيام المشترك ولبقائه الآن على كل هذا النحو الأقرب للمسايرة بين أحزاب اللقاء.

إنهم يعانون احتقان هذه المسايرة وكبت اختلافهم بشأن القضايا الأساسية التي تعاني منها البلد.

ذلك أن اختلافاً جذرياً بين مواقف الإصلاح, والاشتراكي, والحق, من قضية صعدة والجنوب, ولا يمكن بحال أن تكون أحاسيس محمد اليدومي وتصوراته تجاه قضية صعدة هي ذاتها التي يشعر بها الدكتور المتوكل.

 

بعد رحيل صالح تقدم فصيلي الاشتراكي والإصلاح إلى بعض مربعات النظام السابق مخلفين وراءهم الناصريين ومفارقين لخيارات حزب الحق واتحاد القوى, وشخصيات من وزن الدكتور محمد عبد الملك المتوكل الذي لم يعد قادراً على الحوار مع زملائه في المشترك, وقد ضموا شخصية مثل علي محسن الأحمر وأصبحوا مضطرين للاختيار بينه وبين بعض شركائهم السابقين.

 

والحاصل أن الثورة أوجدت واقعاً جديداً أصبح معه بقاء المشترك مجرد ضرورة لبقاء الاشتراكيين والإصلاحيين معاً لمواجهة ما لا يدركونه على وجه الدقة وممعنين في إرباك ناشطيهم الذين لم يعودوا بحاجة لإثبات إمكانية التقارب الإسلامي اليساري.

يفكر ناشطو الاشتراكي بطريقة مختلفة عن ناشطي الإصلاح, وكان زمن صالح يُبقي هذا التباين مؤجلاً لحساب مجابهة الفساد واحتكار نتائج الانتخابات..

 

الآن يريد الإصلاحيون في الميدان من ذوي الميول التحديثية محاكاة لهجة الغنوشي والترابي والنظرية الإسلامية الثانية بينما كان مثقفو الاشتراكي بحاجة للتجول في الساحة الجاهزة بعد الثورة لممارسة الحداثة أو التبشير بها على الأقل.

لقد حدث شرخ كبير والمشترك يشبه جماعة من أهل قرية تعصبوا ضد الشيخ وعندما رحل ظلوا متعصبين بدون غريم ذلك أنهم لم يعودوا يحسون بوجودهم إلا كعصبة بحاجة ماسه للإبقاء على خطورة الشيخ الذي رحل. صالح لا يزال قادرا على الفعل غير ان ما يستطيعه لم يعد مبررا لبقاء المشترك.

تحتاج البلد للحياة الحزبية وسباق البرامج والتنظير, وتحتاج للصراع بين اليسار والإسلاميين وليس بين الإخوان والحوثيين.

 

بقاء هذه الحالة الحزبية المتورطة في مشترك يضمن قوة فصيلين ويحرجهما بشأن القضايا الكبيرة من الجنوب إلى صعدة واستمرار هذه العصبوية السياسية التي بلا غريم ولا وظيفة من شأنه حمل الصراع إلى صيغته الماضوية المناطقية المذهبية بدلاً من الصراع على من يمثل المدنية والتحديث ويمكنه التعبير عن أهداف الثورة.

إن اختزال الثورة في المبادرة وعدم وصولها إلى خط النهاية, بالإضافة إلى هاجس ما لا يزال علي صالح قادراً على فعله, تشكل في مجموعها المبرر الركيك لبقاء المشترك بوضعيته الريبية الآن.. هذه الريبية التي تعمل كستار للتحرك المنفرد وتغذي الهاجس بين الإصلاحيين ورموز حزب الحق, في وضع نشاز يدفع بمخاوف نفسية (لا منفقة ولا مطلقة).

أي سذاجة هذه في محاولة إبقاء محمد قحطان وحسن زيد في تكوين سياسي واحد؟ أثناء ما أصبح هذان النقيضان التاريخيين بلا تهديد كبير غير تهديد أحدهما لما يمثله الآخر..

 

دعونا لا نذهب بعيداً للبحث عن أضرار المشترك. لدينا القضية الجنوبية أكثر الأمثلة المأسوية وضوحاَ عن إعاقة كل من الإصلاح والاشتراكي لبعضهما في العمل اليومي بشأن الجنوب من قبيل المسايرة في المشترك, وكلا التنظيمين مرتبط مباشرة بقضية الجنوب, إذ كان ينبغي للاشتراكي تمثيل الجنوب الآن, وهذه ليست معضلتي, وأنا أقول إن بقاء المشترك هكذا يغذي تمثيلاً مناطقياً بقدر ما هي معضلة الحزب الاشتراكي الذي لم يعد المشترك كافياً لحمايته من مواجهة مأزق (ما ينبغي على الحزب تمثيله وما لا ينبغي) بشأن الجنوب, ذلك أن قيادات اشتراكية ستضطر أو هي تعمل الآن بشأن الجنوب وفقاً للتاريخ العضوي للحزب وبمعزل عن خيارات المشترك عموماً وضرورات الإصلاح.

 

والتعاون مع الإصلاح باعتباره أقوى تكوينات السلطة الجديدة, لكن لم يعد الاشتراكي يمثل الجنوب, وليس قادراً على ذلك بوجود كل هؤلاء غير أنه في حالة وصولنا إلى طاولة الحوار بشأن الجنوب وتم توزيع الكراسي بين الاتجاهات،

أين سيجلس الدكتور ياسين؟

المصدر: صحيفة الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى