فضاء حر

عن سقوط الانتينوف

يمنات

بعد تحوله إلى مكان مهجور منذ أكثر من عام جراء الحرب، امتلأ سوق الحصبة فجأة بالمواطنين الذين توافدوا عليه لرؤية حطام طائرة الأنتينوف 26 التي سقطت فيه صباح الأربعاء الماضي.

لم يكن من السهل علي وعلى أمين عام نقابة الصحفيين الزميل مروان دماج اختراق جموع المواطنين المحتشدين في مكان الحادث، لكننا تمكنا من رؤية ما تبقى من حطام الطائرة المنصهر على سطوح عدة محال كانت تستخدم لبيع القات قبل اندلاع حرب الحصبة منتصف 2011.

منظر الحطام المنصهر دفعني للتفكير بمصير طاقم الطائرة الذي لم أكن قد عرفت عددهم بعد. كان هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن الخروج بها من مسرح الكارثة مثل الشريط الأصفر الذي تضعه الشرطة حول مسرح الكوارث والجرائم كسياج لمنع الناس باستثناء المحققين من اقتحام المسرح وإتلاف الأدلة.

في مسرح تحطم طائرة الشحن العسكرية بسوق الحصبة، كان هذا الشريط بمثابة شاهد زور تعيس تم دوسه بالأقدام بعد أن تخطته الحشود إلى قلب مسرح الكارثة. لكن هذا لم يكن أهم ما خرجت به من ملاحظات من المسرح إلى جانب مشاهداتي للحطام.

 

من بين الأمور التي لفتت انتباهي يومها، شذرات حديث التقطته أذني بالصدفة من شاب عشريني كان يقف على يساري، كان يرتدي الزي القبلي الشمالي المعروف ولا يبدو عليه أنه حظي بما يكفي من التعليم.

كان يحدث صديقا له بنبرة أسف واضحة. قال: "مأساة. الشعب اليمني مسكين. كم جهده يخسر؟! يعلم الله كم خسارته اليوم!".

تصورت أنه كان يتحدث عن خسارة الشعب اليمني لطائرة الأنتينوف، لكنه لم يتأخر في التوضيح لصديقه ولي أنا الذي لم يكن يدر أنني بدأت أركز على كلامه. قال ما مفاده إن اليمن تستطيع بالكاد إنتاج كوادر من الطيارين وإنها تبذل الكثير من أجل تعليمهم وتدريبهم حتى يكتسبوا الخبرة ويصبحوا "طيارين".

وفهمت من كلامه وأنا أغادر أن اليمن لا تحتمل مثل هذه الخسارة الفادحة التي تكبدتها بموت عدد من طياريها وكوادرها.

كان ملفتاً أن الشاب في حديثه عن الخسارة التي تكبدها اليمن بلدا وشعبا لم يلتفت إلى الطائرة وركز على طاقم الطائرة. كانت هذه لفتة إنسانية ووطنية نبيلة في رأيي وقد غادرت وأنا أشعر بالإعجاب والامتنان لذلك الشاب.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى