فضاء حر

المنطقة العربية تعود نحو مرحلة اللادولة ..

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

في الوقت الذي تدخل اوربا مسار سياسي جديد وتتعامل امريكا مع مسار اقليمي ودولي فيه لاعبون جدد منافسين لها وتتفهم مطالبهم وفي الوقت الذي تتزايد التطورات الاقتصادية بمساراتها اللامحدودة ، تغرق المنطقة العربية في الفوضى وتنتكس مشاريع التنمية والتحديث لتعود نحو مرحلة اللادولة ..

وهنا بدلا من البحث عن أس الازمات والمشكلات وتجميع الجهود محليا ووطنيا يفتقد العرب حتى لابسط محددات الوعي والادراك السياسي لواقعهم والمخاطر التي تهددهم حاضرا ومستقبلا . بل يتفاخر البعض باعلا شعارات المذهبية ويتفاخر البعض الاخر بالدعم الامريكي متناسيا ان امريكا هي من اغرقت المنطقة بالفوضى ويذهب طرف ثالث مدفوعا بثرواته نحو الاستثمار في وادي السليكون مع ان نظام بلاده التعليمي خارج الحداثة وخارج التطور المعاصر والاهم لهذا الطرف ان يحدث تغيرا في نظام بلاده ليكون معاصرا ومنفتحا وحداثيا وان يكون لها دور اقليمي يعكس مصالح الشعوب وفق مسار تطوري نحو الافضل واعادة بناء الدولة وفق متطلبات العصر علميا وحضاريا ..

لايتصور احد ان الازمات التي تعصف بسوريا واليمن والعراق وليبيا سيقتصر تاثيرها داخل محيط هذه الدول بل ستنتشر سريعا الى عموم المنطقة -وهي عمليا تظهر انتشارها في مظاهر متعددة – ولن يكون بمقدور اي نظام ان ينأى بنفسه .

فالمنطقة مترابطة جغرافيا واجتماعيا وجهويا ومذهبيا واصبحت ساحة مفتوحة لجماعات التطرف والارهاب كما هي ساحة للتدخل الاقليمي والدولي الذي يتخذ لهذا التدخل صور متنوعة جميعها تنتهك السيادة وتشوه مظاهر المجتمع وتزيد من اشتعال الازمات .

المنطقة العربية كلها مسرحا للفوضى الامريكية ولن تستثني منها حتى اصدقائها وحلفائها التقليديين لان المخطط الامريكي وهو في قلب مخطط الراسمالية الكولونيالية اعادة رسم المنطقة وفق جيوبوليتك جديد يخدم منطق الراسمالية اقتصاديا واستراتيجيا .

ولهذا فكلما تزايدت بؤر العنف تزايد بيع الاسلحة وكلما تزايد التدمير للبنى التحتية كلما تزايد مبيعات الشركات العالمية وتغلغلها محليا في مجالات الاعمار لاحقا ومد اطراف النزاع بوسائل القتل الاكثر دمويا ومعها وسائل انسانية لتجعل من غالبية المجتمع قادرين على الحياة ليكونوا وقود معارك متجددة ..

الحل الوحيد هو في اعادة بناء الدولة الوطنية دون تمزيق لجغرافيتها وبلورة وعي عروبي جديد بمصالح المنطقة دولا وشعوبا ومجتمعات للوقوف معا في مسار تحد للبناء التنموي والنهضة الذاتية وفق مسار عالمي نستفيد منه وفق وعي بمخاطره وايجابياته ..

اخيرا حل الازمة السورية واليمنية يعتبر حاجة ومطلب عربي ، خليجي خصوصا ، قبل ان يكون حاجة ومطلب لشعوب هاتين الدولتين ..وبدون تحقيق المعالجات والحلول السياسية في اطار بناء الدولة ستستمر الازمات في عموم المنطقة وتتزايد مخاطرها ..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى