فضاء حر

أشتاق لكم ورب هذا الحزن!

يمنات

شوقي نعمان

يشتهيني الغياب المر عن المشهد كمواطن يمني هاربا من أخبار الموت والأزمات ووحشية الحرب والانتصارات الزائفة.

هربت من هذا الفضاء بحثًا عند ذاتي المسروقة ،عن روحي المستهلكة،عن أيامي الخالية ،هكذا هربت من كل شيء،إلا من نار جحيم الشوق إليكم !..

ايقنت مؤخرا أن الأصدقاء هنا هم عائلتنا الأولى ومنفانا الأخير ورأس مالنا الوحيد ،هذا ما أحدث به نفسي حين يبتسم العالم في وجهي ببلاهة وحزن ويترك علامة تعجب!

لم يمت أحد من أصدقائي هنا وهذا وحده كافي لنعلن النصر ولنتجاوز هذا السعير.

حاولتُ في هذا الغياب المر أن أتخلص من أشياء كثيرة جدًا ضربت الأعداد التي لا تقبل القسمة على إثنين كي نحصل على نتيجة القبول بالواقع لكن الحقيقة المرة أن اللعنة هي المتأصلة،المتبقية،المتجذرة المناسبة لكل وظرف ووقت.

سمعت عن أحداث وقضايا عديدة،عن تفاهات ونفاق، عن جوع ومرض وحصار وقصف عشوائي وطلاق جارتنا وحناق أمي سمعت الكثير من الكلام والهرج والمديح ولكن مشكلتي مع الحرب،الحرب التي أخذت منا كل شيء وفعلت بنا كل هذا !.

الحرب التي لم تسمح لجاري بشراء ملابس العيد لأطفاله.

الحرب التي أخذت أحلام الشباب واورثت لهم اليأس والإحباط وسلبت ابتسامتهم وريعان شبابهم.

آه يا أصدقائي كم من الندوب والخيبات، كم من الأوهام في هذا الوطن !
سنظل نكرر لا شيء متاح في الغياب سوى الخوف و الأحلام،الأحلام التي لا مجال لتحقيقها في وطن مثقوب يشبه قصيدة يائسة بلا عنوان!.

كل يوم أحاول إعادة نصفي المأكول إلى رحم القصيد، الملم اشلائي المبعثرة ولكن تنتصر عليَّ الحرب في كل مرة تجعلنا شظايا لخصومها الفعليين..!

أنا وإخواتي ورفاقي وأصدقاء الحي نخاف من كل شيء يا أمي،نخاف حين نحب وحين نمشي وحين ننام وحين نتنفس بالقرب من المخبرين واللصوص،وحين نقول كلمة الحق في وجوه الظالمين.

لاشك انني أكتب الآن بروحي التي أعلنت اليأس وبقلمي الممتلئ بالعار والذل والخوف وعلامات الاستفهام من معتقلات التعذيب ومصيري المجهول..

أكتب
أنا اليمني المنتظر لقذيفة طائشة لتخلصنا من الحياة كبقية الذين سبقونا ،ما المشكلة؟
أنا اليمني الذي فقد أمله بشيء اسمه الوطن !.
أنا اليمني الذي أتفق على جوعه العالم أجمع..!
أنا اليمني الصلب الذي خاض معارك وهزم مؤخرا..!

لا شيء ينتظرنا غير الحزن،الحزن الموزع على رؤوس المدافع والبنادق التي ستقتلنا وستقتل رفاقنا الطيبين
عما قريب جدا..!
لا أعرف ما إذا كُنا حلمٌا أو خطيئة أو صدفة عابرة، أم ذنباً مؤقتاً ؟
كل ما أعرفه انني اأتكور حزنًا وأفكر ماذا سيحدث غدًا ؟
أفكر بالقصائد التي لم تكتب،أفكر بالأطفال المشوهين بالحرب !
أفكر بوهم العروبة والحكمة اليمانية.!.

أفكر لماذا عدت لهذا الفضاء وماذا سأقدمه ؟ ولماذا أنا بكل هذا اليأس والتذمر والحزن ؟
أفكر بالأشياء التي لم أستطيع أكتبها أو اترجمها هنا وربما تتلخص ب كلمتان:
ياللخذلان ويا للوجع…!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520.

زر الذهاب إلى الأعلى