فضاء حر

محمد علي أحمد وقضية الجنوب..

أثار انتباهي مؤخراً سماع خبر محاولة اغتيال القيادي الجنوبي محمد علي أحمد بعد أن كان حديثنا اليومي في الأسابيع الأخيرة عن محاولة الاغتيال الذي تعرض لها الشخصية الكارزمية د/ ياسين نعمان الأمر الذي جعلني أعود لارشيف ذاكرتي الوجداينة لأتذكر بعض من مسلسل الاغتيالات الذي تعرضت لها العشرات من القيادات الجنوبية من عام 90م إلى 94م والدور الذي لعبته القوى التكفيرية في مسلسل الاغتيالات بذلك الحين.

وها هو هذا المسلسل يعود من جديد وبدأ بصيد بعض القيادات الجنوبية خصوصاً من الصف الأول ومنهم الشهيد قطن.

فما تعرض له القيادي الجنوبي محمد علي أحمد أعتبره من وجهة نظري الشخصية هو جريمة كبرى في حق أبناء الجنوب ومؤشر خطير يهدف لضرب الحراك الجنوبي من الوريد إلى الوريد كمقدمة لضرب واستهداف القضية الجنوبية في الصميم.

لكن السؤال الذي يطرح ذاته لماذا تم اخيار محمد علي أحمد بالذات في هذه الظروف الراهنة؟

وللإجابة عليه من خلال قراءتي السطحية على ضوء معرفتي بأبناء الجنوب من خلال الزيارات التي قمت بها لمحافظة أبين وشبوة في مطلع وأواخر التسعينات والتي من خلالها نسجت علاقات ممتازة مع العديد من أبناء هذه المحافظتين، فضلاً على علاقاتي مع العشرات من أبناء شبوة وأبين ولسماعي أحاديثهم عن محمد علي أحمد تعرفت على العديد من الشخصيات ذات الوزن الثقيل بتلك المحافظتين وبالذات أبين وحدثوني عن هذا الشخص..

ومن خلال بعض القراءات عبر الصحف والمواقع الالكترونية والتي على ضوئها عزمت أن أدلي بدلوى بهذا التحليل السطحي عن محاولة الاغتيال التي تعرض لها هذا القيادي (محمد علي أحمد).. وأختصر الإشارة لذلك بالتالي:

أولاً: محمد علي أحمد.. هو من محافظة أبين.. مديرية لودر ومكيراس من قبيلة العواذل.. التي يمتاز أهلها بالشجاعة والجود والكرم.. مما يجعل الجنوبيين دائماً يطلقون على هذه القبيلة "العوذ بالله" ومن المتعارف عليه بأن هذه القبيلة تدفع ضريبة الصراعات السياسية على كل مراحل الصراع السياسي خصوصاً للخمسة العقود المنصرمة..ومحمد علي هو من إحدى فروع  هذه القبيلة التي تسمى قبيلة "أمشعة" قبيلة الشهيد/ عبد النبي مدرم.. فضلاً بأن محمد إحدى حلقات الصراع السياسي بالجنوب والذي برز بمرحلة الثمانينات..

محمد علي هو من الشخصيات القوية في هذه القبيلة ومن أقوى الشخصيات على مستوى المحافظة.. والجنوب وله حضور كبير على أبين والعواذل والجنوب ومحبوب جداً.

لهذا تجد له تأثير كبير أكثر من أي شخصية أخرى في المحافظات الجنوبية بحكم مواقفه الشجاعة والصريحة وأثبتت تجربة الصراعات السياسية بالجنوب بأن من يكسب العواذل يكسب أبين بأكملها.. يستطيع دخول بوابة الجنوب..

فضلاً على أن من يكسب العواذل يكسب الرجال المقاتلين..

ومن هذا المنطلق عودة محمد علي.. تلعب دوراً أساسياً في لملمة الحراك الجنوبي لكون خصوم القضية الجنوبية هم من يعملون على تمزيق الحراك الجنوب وأي شخصية تسهم في لملمة الحراك تكون مستهدفة وبالذات محمد علي أحمد الذي يمتلك قدرات على توحيد صفوف الحراك.. وتأثيره بالجنوب.

ثانياً: تدرك القوى التي تهدف من خلف الستار لقتل القضية الجنوبية بأن هذا الشخص (محمد علي أحمد) سيلعب دوراً في توحيد صف الحراك الجنوبي.. وتوحيد صفوف الحراك.. يعني إبراز القضية الجنوبية.. والنجاح في وضع الحلول الجذرية.

الأمر الذي يجعل المتورطين في نهب الجنوب وقتل وتسريح ابنائه الملتحقين بالوظيفة العامة مدنية أو عسكرية يخشون ذلك ولهذا ربما أنهم فكرون باغتيال العديد من القيادات الجنوبية ومنهم محمد علي..

وبحكم أن أطراف اللعبة راهناً قد اتخذوا من خلافاتهم بأن وضعوا الجنوب مسرحاً لتصفية الحسابات بعد أن كانوا حلفاء وشركاء في استهداف الجنوب من عام 90م إلى 94م..

حتى وإن اختلفوا أواخر التسعينات لكنهم جميعاً شركاء في نهب ثرواته وقتل أبنائه.. وتسريحهم من الوظيفة العامة مدنية وعسكرية.

تدرك هذه القوى الذي اتخذت من الجنوب مسرحاً للصراع خصوصاً المتطرفة بأن الاغتيال لمحمد علي هو الحل الأمثل لجعل الحراك أكثر تمزق ليتسنى لها قتل القضية الجنوبية إلى الأبد نظراً لتورطهم ومصالحهم أيضاً.. فعندما يكون الحراك ممزقاً كما هو راهناً بالتالي يصبح من السهل استهدافه بما يمكنهم من قتل القضية الجنوبية أيضاً لهذا الهدف وربما هذه القوى قد عادت ببرنامج الاغتيالات السياسية للقيادات الجنوبية خصوصاً من الصف الأول لهذا الهدف.

ثالثا: أعتبر من وجهة نظري الشخصية بأن محاولة الاغتيال لمحمد علي أحمد.. هو اغتيال لقبيلة العواذل والاغتيال للعواذل هو اغتيال لمحافظة أبين والاغتيال لمحافظة أبين هو اغتيال للجنوب برمته وللحراك الجنوبي وللقضية الجنوبية..

رابعاً: محمد علي يعد رمزاً من رموز الجنوب.. ورقماً من أرقامه الكبيرة الأكثر تأثير..

ووجوده يحبط المؤامرات التي تنفذ ضد القضية الجنوبية.. من جميع أطراف اللعبة الذين كانوا شركاء في اجتياح ونهب الجنوب وارتكاب الجرائم بحقه..

فليس مستبعد بأن تكون الأطراف المتصارعة ومنها التكفيرية وراء محاولة الاغتيال..

خامساً: الوسائل الراهنة التي تقوم بها بعض القوى لقتل واغتيال ممنهج للقضية الجنوبية كالتالي:

بالنظر إلى الدور الذي لعبته وتلعبه العصابة العفاشية وقوى التكفير خصوصاً الجنوب من الماضي حتى الحاضر نجد أن جزء من الاستراتيجية  الانقلابية المبطنة لقوى التكفير لاستكمال برنامج القتل والاغتيال الممنهج للقضية الجنوبية من خلال:

1-   من المحتمل أن تقدم هذه القوى على تقديم الدعم والمساندة غير المباشرة للقاعدة بالجنوب "أنصار الشريعة" تحت مسمى مكافحة القاعدة لتدمير الجنوب، ومقترح الزنداني بالحوار مع القاعدة ماذا يعني؟ فضلاً على موقف نجله الذي أبرز انزعاجه من التدخل الأمريكي لمكافحة القاعدة باليمن والجنوب خصوصاً.

2-   تعميق الخلافات بين فصائل الحراك الجنوبي راهناً كمقدمة لاستهداف بعضهم، وإقحام البعض الآخر بصراعات مع بقية فصائل الحراك، وبالتالي يتم التخلص من الجميع.. وإيلاء مهام لبعض منهم من الملتحقين بالسلك العسكري لمقاتلة أنصار الشريعة كجزء من التخلص من كل أبناء الجنوب، والشهيد قطن خير دليل

3)   تحويل بعض القيادات العسكرية المتبقية من أبناء الجنوب إلى بطالة مقنعة على سبيل المثال العميد جواس. وبالتالي هذا سوف يتيح لهذه القوى صناعة ممثلين لها من  أبناء الجنوب ممن تم استقطابهم، ويصبحوا ممثلين للقضية الجنوبية

4)   إكمال السيطرة على حكم الجنوب من خلال الحصول على التعينات في المحافظات الجنوبية، على سبيل المثال حصول هذه القوى على منصب محافظ عدن، والذي دشن البروفة الأولى للغة العنف ضد أبناء الجنوب كما حدث خلال الأشهر المنصرمة من قتل بمدينة المنصورة عدن فضلاً عن أهداف أخرى لهم، ومنها تحصين وحماية كل ما نهبوه  للأرض والثروة بالجنوب.

5)   عدم وضع حلول جذرية لمن تم فصلهم من وظائفهم وإقصائهم عن العمل من الجنوبيين.

6)   عدم إبداء حسن النية من قبل حزب الإصلاح بالذات الرافض لتقديم أي اعتذار عن فتوى القتل والنهب صيف 94م.. وعدم اعادة منزل السيد البيض.

7)   تسليط وتسخير وسائل الإعلام المختلفة لقوى التكفير بشن حملات تحريضية وتشويه للحراك الجنوبي بأنهم يعملون لصالح المخلوع، وأنهم مدعومون من إيران وو… إلخ.

8)   إعداد الخطط والحبكات غير المباشرة لعرقلة الرئيس هادي من إخراج البلد إلى بر الأمان من خلال صناعة مشاريع تتويهيه تعطل جزء من برنامج اهتماماته بشأن البلد، والقضية الجنوبية  وخلق حالة فوضى، وهذا يترتب عليه إفشاله حل قضية الجنوب.

9)   التفنن في إضعاف القيادات الجنوبية بالدولة على سبيل المثال رئيس الوزراء باسندوه كما حدث بقضية القتل التي حدثت بمعهد ابنته، وكذا قضية السيارة المدرعة لقطن. إذن هذه نبذة مختصرة من آليات القتل المتبعة للقضية الجنوبية.

سادساً: جرت محاولة الاغتيال لمحمد علي بمحافظة حضرموت ومدير أمن حضرموت هو المسئول الأول عن محاولة اغتياله وأمن وأمان حضرموت.. رغم أنه محسوب على التيارات التكفيرية المتطرفة وعليه أن يتحمل مسئولياته كاملة عن هذا الحادث..

وعلى هذا الأساس ينبغي على الجهات المختصة كشف هذه الحقائق للرأي العام وبشفافية بعيداً عن الغموض ليتسنى للجنوبيين تحديد بصمات اعداء القضية الجنوبية ومن هي الجهات المتورطة وآليات تنفيذها وبما يمكن الجنوبيين من توحيد صفوفهم تحاشياً لأي مخططات تآمرية ضد الحراك الجنوبي.. لأن التآمر على الحراك  هو تآمر واضح على القضية الجنوبية برمتها.

من هذا المنطلق فإن ازدياد عملية الاغتيالات للرموز الجنوبية راهناً هو ضمن البرامج التآمرية المتنامية الهادفة لقتل واغتيال القضية الجنوبية.. فهناك ملامح تشير بتوجه قوى التكفير لقتل القضية الجنوبية على سبيل المثال.

1-            عدم اعادة منزل السيد البيض.. يعني عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية وعدم الاعتذار عن فتوى صيف 94م هو عدم الاعتراف بقضية الجنوب وعدم اثبات حسن النية بحل القضية الجنوبية.

2-            عدم  نقل الـ 12 النقطة لحل القضية الجنوبية إلى موقع التنفيذ من قبل قوى التكفير.. دليل على الرفض غير المباشر لحل القضية الجنوبية.

3-            شن حملات إعلامية ذات طابع استهدافي بحت ضد السيد البيض عبر المواقع الالكترونية جزء من القتل والاغتيال للقضية الجنوبية.

4-            اغتيال قطن جزء من الاغتيال للقضية الجنوبية.

5-            محاولة اغتيال لـ د/ ياسين جزء من الاغتيال للقضية الجنوبية.

6-            محاولة اغتيال محمد علي أحمد جزء من الاغتيال للقضية الجنوبية.

لهذا ينبغي على كل أبناء الجنوب أن يدركوا بأن القوى المضادة للقضية الجنوبية ومنها التكفيرية التي تعمل على تغذية الانقسامات بين فصائل الحراك..

وإحدى وسائل تلك القوى المضادة لقضية الجنوب برنامج الاغتيالات، وفي حالة تنامي حالة الانقسام بالحراك هو يخدم بكل تأكيد القوى المضادة، الأمر الذي يستدعي على كل الجنوبيين بأن يوحدوا صفوف الحراك..

وترك الخلافات الجانبية على جنب كجزء من الانتصار لقضيتهم ولإحباط المشاريع المؤامراتية المضادة للقضية الجنوبية داخلية كانت أو خارجية..

[email protected] 

زر الذهاب إلى الأعلى