فضاء حر

هادي كمرشد للجماعة!

 مؤخراً أصبح رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي يشعرك وكأنه جندي في الفرقة أولى مدرع؛ يأتمر بأمر قائدها لا العكس!

الرئيس اليوم يستخف بعقولنا بترقيعاته تلك، وبوجوه بالية أكل عليها الدهر وشرب، وجوه لونها وشكلها ومنبتها واحد.

يبدو إن معاشرته الطويلة للرئيس السابق أكسبته خبرة في مجال الإقصاء والترقيع، بعد أن تأملنا فيه خيراً، وعقدنا عليه آمالاً كبيرة وعريضة، وكنا نبرر له الصمت والبطء في اتخاذ القرارات! نحاول منحه عذراً، فلا يمكن بين ليلة وضحاها تحقيق كل أهداف ثورتنا، فالثورة ليست فقط استبدال رأس النظام بآخر أو تغيير شكل نظام بآخر، هادي سيبني دولتنا المدنية التي ننشد… نصفق له حين يتخذ قرارات حاسمة تخدم البلد. نحتج على من ينتقده، ونقول: نعم هذا هو من انتخبناه اليوم سيعيد بناء اليمن الجديد الذي ضحى لأجله شهداء الثورة من خيرة شباب ونساء اليمن..  كنا نقول إننا في مرحلة انتقالية يصعب التنبؤ بالمستقبل، وإلى ماذا وأين ستؤول الأمور! لكن الامور بدأت تتضح أكثر: الرئيس خيب ظننا! لم يعمل على قصقصة أجنحة ومخالب كل من لا يريد بناء اليمن الجديد، كل من يدمر هذا البلد، مهما كان انتماؤه.. وعلى العكس نراه اليوم يقرب قوى بعينها ويمكنها من السلطة ويعمل على مراضاتها وإن كان على حساب أمن الدولة واستقرارها ومستقبلها، وصورته هو امام الشعب! هناك إحلال لمناصب- من أصغر منصب في الدولة إلى أكبرها- لتلك القوى.

هو يكرر أخطاء صالح هادي- المحاصر بحجة الحماية من الفرقة- ربما إنه يحاول حماية نفسه بالتوقيع على تلك القرارات التي تخرج من الفرقة أولى مدرع والتي أصلاً قد تمت طباختها في مطابخ الثالوث الجشع والمتجسد في قوى بعينها! وهادي يبصم عليها، أكان راضياً أم مكرهاً!

وهكذا –وللأسف!- يظهر رئيسنا للشعب الذي انتخبه كرئيس لكل اليمنيين أنه مرشد الجماعة الجديد.

يظهر نفسه وكأنه مجرد بيدق بيد الآخرين! كان يمكن له أن يحتمي بالشعب الذي بدأ يتفاعل بقراراته حد أن أحدهم ظلم الشهيد الرئيس الحمدي وشبهه به، ومشبهو هادي بالحمدي عليهم أن يعرفوا أن الرئيس متحالف مع مملكة آل سعود وذات القوى التي رأت في الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خطراً يهدد مصالحها ووجودها كقوة خارج سيطرة الدولة؛ لذا وجب التخلص منه؛ ولهذا لا يمكن لهادي أن يكون "حمدي" آخر.

تجمل وجه بعض القوى بالأحزاب القومية واليسارية "التقدمية" ووصلوا إلى مبتغاهم، واليوم لم يعودوا بحاجتها، فمسيرة لبضعة آلاف تجبر "هادي" على توقيع قرار، فما الحاجة لوجود "اللقاء المشترك"؟ هم يلهثون وراء المناصب ويتهافتون عليها، ولأجل هذا كانت أهداف ثورتهم السامية والنبيلة، مع تقديرنا للشرفاء داخل هذه القوى، وللشهداء منهم، فمن ضحى لم يكن هدفه منصباً أو مالا أو شهرة وجاهاً، كان هدفهم مشروعاً كبيراً، جميلاً، "اسمه اليمن" المتحرر من الظلم والاستبداد والتبعية… إذا، من جنوا ثمار هذه الثورة اليوم لا تعنيهم الشراكة مع القوى الآخرى! وبالنسبة لشباب وقواعد هذه الأحزاب خير لهم أن نعود كما في التسعينيات، ومنذ ما قبل الثورة كانت هذه قناعتهم وازدادت مع الثورة واليوم هم أكثر إصرار على أن هذا التحالف لم يعد مجدياً ولا فائدة مرجوة منه، فالأحزاب التقدمية، المدنية، خسرت وتخسر كثيراً بسبب هذا التحالف.

في التسعينيات تقاسم شريكاً المؤامرة على الحزب والوحدة الحكم بعد أن أقصيت بقية الأحزاب ومنها شريك الوحدة الحزب الاشتراكي. واليوم كان التاريخ يعيد نفسه، وعلى هذه الأحزاب تستفيد من الدرس، وتعرف أن مكانها الحقيقي والطبيعي هو الشارع، مع الناس ومطالبهم، تحالفها معهم، مع أحلام البسطاء.. خير من شراكة في نهب ثروات البلد وتدميره وتأسيس ثروات خاصة بهم على حساب الغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب.

ومع هذا وفرح الفرحين يظل القادم – كرد فعل على تصرفات هادي واللاهثين خلف السلطة- غامضا. القادم مجهول. وحتى مصير المبادرة (هل تنجح أم تفشل) سؤال يصعب في ظل هذا الوضع الرد عليه، خصوصاً مع عودة مسلسل الاغتيالات لشخصيات سياسية وعسكرية، منها محاولة اغتيال الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان أحد أهم وأبرز قيادات المعارضة، وأحد أهم طرف في التسوية السياسية، ومع تصريحاته الأخيرة وتأكده أنها محاولة اغتيال لا يزال إعلام الشركاء بتجاهل الحادثة! لماذا؟ الجنود المتهمون والمعروفة اسماؤهم من فرقة علي محسن! لذا وجب على الشريك تغليب مصلحته. هكذا يكون الرد عندما يكونون هم الجناة!

غاب ياسين فلعب الفأر وكانت التعيينات الأخيرة، وإضافة أسماء إلى اللجنة الفنية بعضها يعتقدون أنها تمثل الجنوب! هي لا تمثل إلا من رشحها، ويعلم هادي كما نعلم أن مثل هذه الإضافات لن تحل القضية الجنوبية بقدر ما تعقدها وتستفز الحراك الجنوبي، كما كان تعيين وحيد رشيد في هذا الوقت ولمحافظة عدن أمراً مستفزا لهم! وكان هناك من يحضر لحرب قادمة في عدة جبهات. الحرب لن يكسب فيها أحد، وتجار الحروب قد كشفوا، لن يستطيع الإعلام تضليل الناس مجدداً. لن تصدق الفتاوى، لن تبيع امرأة بسيطة ذهبها لحرب يقتل فيها الأخ أخاه من أجل مصلحته.

غياب د. ياسين يعتقد البعض أنه لمصلحتهم، وسهل وسيسهل عليهم الأمر والحرب، وكان جميع أصحاب المصالح اتفقوا على إبعاده عن المشهد، وجميع المصلحيين تآمروا عليه، لأجل ذلك كانت محاولة الاغتيال، الجماعة أرادوا الاستحواذ على كل شيء في الدولة من أكبر منصب إلى أصغره، وأصبح هذا الأمر واضحاً جلياً من خلال التعيينات الأخيرة، ومن يعارضهم اليوم بعد وصولهم إلى ما أرادوه هو ثورة مضادة، و"عميل لصالح"، "ومندس" و "أمن قومي"..! لا يريدون سماع إلا صوتهم، والتصفيق لهم، وقاعدتهم "من ليس معنا فهو ضدنا"!

مع استنكارنا تهديد وزير العدل والديلمي؛ لكن الاهتمام بتهديد وخبر هام وعاجل على قناة "اليمن" يثير شفقتنا، وهم الذين حاولوا تجاهل حادثة اغتيال الدكتور ياسين، وربما وزير الداخلية والمشترك والحكومة سيتحركون عاجلاً لكشف هوية المهددين، فهذا جريمة خطيرة يجب ألا تمر دون إلقاء القبض على من قام بها، جريمة أخطر وأهم من محاولة اغتيال د. ياسين سعيد نعمان من جنود معروفين في نقطة معروفة وتتبع جهة معروفة، ولتمييع قضية ياسين، لا يهم، المهم جملت الوجوه، وتم الوصول بعون الله إلى المبتغى! يريدون أن ننسى حادثة اغتيال الدكتور، أول يوم تفتعل حادثة من أجل أن ننسى! كلاً لن ننسى، وحوار دون مهندسه ياسين سعيد نعمان هو فاشل بكل المقاييس، إذا افترضنا أنهم فعلاً يريدون الحوار بالكلمة وعلى الطاولة، لا حوار المدافع وفي الميادين، وستتضح الأمور في قادم الأيام أكثر.. وإنا منتظرون!

عن: الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى