فضاء حر

آمنت برب موسى وحمدين

يمنات

يقال: أن التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر.

فمنذ آلاف السنين كان في مصر طاغية يدعى فرعون وأرسل الله سبحانه وتعالى نبيا يدعوه إلى الهدى وذاك النبي هو موسى عليه السلام وقبل أن يذهب سيدنا موسى إلى فرعون وقومه أمره الله سبحانه بأن يدعو فرعون وقومه باللين لعل فرعون أن يذكر أو يخشى، فذهب سيدنا موسى ومعه سيدنا هارون أخاه إلى فرعون يدعوانه إلى الهدى ودين الحق والعدل إلا أن فرعون أبى واستكبر وقال: أنا ربكم الأعلى؛ وأسرع في كيل التهم ونشر أكاذيبه بين الناس، وزاد على ذلك أن قام بقتل عددا ممن اتبعوا سيدنا موسى وآمنوا به، ونكل بأسرهم وذويهم؛ فكان أمر الله لسيدنا موسى ومن آمن معه من بني اسرائيل أن يتخطى البحر؛ فنفذ ما أمر به وجميعنا يعرف القصة التي أوردها الله في القرآن الكريم..، والتي انتهت بأن أذعن الطاغية فرعون وأعلن إيمانه برسالة موسى عله ينجو من الغرق المحتوم، لكنه نُجيَ ببدنه ليكون عبرة للناس.

ولعل أحداً من القراء يتساءل ويقول: ما فائدة سرد هذه القصة؟؟

وأنا بدوري أقول له: إن ما حدث بمصر في ذلك الزمان ليشبه ما يحدث فيها الآن مع وجود القليل من الفوارق بين الحدثين أهمها أن الطاغية فرعون في ذاك الزمان كان يدعي الألوهية من دون الله، وفرعون اليوم يدعي الحق الإلهي في الحكم من دون الشعب، وذلك عبر ما قام به فرعون اليوم من تجاهله لشعب مصر الثائر ومحاولة القضاء على أحلام المصريين وتطلعاتهم في الديمقراطية والحرية والتطور والمواطنة المتساوية وقيام دولة النظام والقانون؛ تجلى ذلك فيما سماه بالإعلان الدستوري الذي كان يريد من خلاله التفرد بكل السلطات كي يصبح مطلق الصلاحيات دونما اعتراض أو مساءلة من أحد، متناسيا أن شعب مصر لن يقبل بعد أن أشعل ثورة 11يناير الشبابية السلمية وبعد أن قدم العديد من الشهداء والجرحى لنيل حريته وتحقيق أحلامه أن يأتي فرعوناً آخر يستعبدهم باسم الدين، وتعبيراً عن رفض الشعب المصري لمحاولة مرسي الفرعونية قدم العديد من سياسيي وقضاة ومفكري مصر النصح لمرسي بالعدول عن إعلانه ذاك، ولكنه لم يستجب وتعالى وتكبر، فخرج الشعب المصري إلى الساحات والميادين بطريقة حضارية وسلمية، فما كان من فرعون اليوم إلا أن سخر أتباعه لقمع المحتجين وكيل التهم لمعارضيه، وكان كل يوم يمر وأعداد المحتجين تتزايد، إلى أن وصل مرسي إلى تأجيل تنفيذ بعض قرارته وإعلاناته مطالبا بحوار مع قيادات معارضيه – أبرزهم.. عمرو موسى وحمدين صباحي الذين كان بالأمس القريب يتهمهما بالعمالة والتآمر.

وهذا ما جعلني أشبه ما حدث اليوم بحدث البارحة؛ بمعنى أن فرعون ذاك الزمان استسلم في اللحظة الأخيرة من حياته وقال آمنت برب موسى وهارون، وفرعون اليوم رضخ لمطالب الشعب في اللحظة الأخيرة من إسقاطه والذي قال آمنت برب (( أقصد هنا بكلمة رب أي شعب أو شعبية)) موسى وحمدين؛ وهكذا تتحقق المقولة التاريخية (( التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر)).

زر الذهاب إلى الأعلى