فضاء حر

تيه مطل من نافذة الطابق الرابع

يمنات

قيس القيسي

وقفت أمام نافذة شقتي التي تشغل الدور الرابع في العمارة التي اسكنها و المطلة على الشارع، كان ذلك بعد منتصف الليل كنت أحاول أن أختتم هواجس  ما بعد القات في الأيام التي أخزن فيها في البيت و أنا أعمل لساعات متأخرة و لا أخفيكم أنها أيام نادرة بحكم العمل ضمن فريق في الفترة الماضية..

تنوعت الهواجس مابين سياسية و اقتصادية و دينية و كانت للأمانة حلزونية و غاية في التشتت حتى استوقفني سؤال منطقي زاحمها و نجح في هزيمة شتاتها الناتج عن القات الغيلي العنيف..

هل هناك أفق يحمل أمل  بانتهاء معاناتنا كيمنيين من الحرب و الحصار..؟

كدت انجح في الإجابة لولا ظهور أحدهم يذرع الجزيرة الوسطية للشارع بسرعة و قلق متلفتا بتوتر لكل اتجاه خشية أن يراه أحد..

انتقل قلقه و عصبيته لي بسرعة عجيبة حلت مكان السؤال الذي كنت استعد للإجابة عليه أسئلة أخرى تخصه هو..

من هو..؟ لم هو قلق و عصبي هكذا..؟

كانت الإجابة مثل ضربة مطرقة على نخاع دماغي المستطيل

انحنى يفتش أكياس القمامة تحت أشجار جزيرة الشارع الوسطية..

دققت أكثر لم يكن يجمع القوارير البلاستيكية كان ينثر الأكياس المحتوية على بواقي الطعام  و يجمعها و بالذات قطع الخبز الجافة من كل كيس..

كدت أصيح به (انتظر) لكن قلقه و عصبية حركاته الخائفة منعتني تخيلت انه لفرط خجله سيفر. راودتني فكرة أن انزل إليه مسرعا و اعطيه المقسوم، لكني رأيته إجابة عن سؤالي حول أفق الحل و احتمالات انتهاء معاناتنا في اليمن..

لم أراه شخصا عزيز النفس ينبش أكياس القمامة من أجل فتات الخبز

جلست و واصل حركته السريعة و بحثه حتى غاب عن نظري

التهمني حزن و ألم عجيب و تفجرت في ضميري كآبة لا يمكن أن تتخيلوها

هربا من تلك الحالة فررت للنوم و ليتني لم أفعل لقد تحولت كآبتي و ألمي إلى سلسلة من الكوابيس القذرة التي نازعتني أنفاسي أثناء نومي أو ربما لم أكن نائما..

صحوت صباح اليوم التالي ليوم الكارثة و وجهي يحمل علامات إرهاق من لم ينم لأسبوع

 بعد أيام من هذه الليلة السوداء صارت عشرات الكلمات و المواقف تذكرني بما حدث و يوميا، فالذي يليه تتضخم أعداد  الكلمات و المواقف التي تذكرني بما حدث..

شيء عجيب أحس أنني بعد منتصف تلك الليلة لم أعد أتذوق الضحك كما كنت اتذوقه قبلها

عيناي بعدها أصبحت جامدة و قلبي متموتا أكثر أمام المواقف الإنسانية المؤلمة

العجيب أني كنت أعلم أنها ليست حالة معاناة فردية و سمعت و رأيت و نقل لي أشباهها 

فما الذي جعل لها كل هذا الأثر الذي اعتقده مدمرا لروحي و ضميري و باضطراد..؟

ربما لم يكن معدما متعففا ربما كان وهما كإجابة لسؤال راودني بإلحاح شديد

ربما كان قشة قصمت ظهر بعير.. 

في رأيكم لماذا حصل لي هذا..؟

لم اعتد أن أطحن سؤالا من قبل كل هذا الطحن و لكل هذه المدة و لا أصل لإجابة..

يبدوا أني سأتعود على التيه قريبا

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى