فضاء حر

حكام العهد البائد وحكام اليوم

 

يمنات
مثلما هناك مدمنوخمرومدمنو قمار ،مدمنو سلطه ومدمنو نخيط، انا مدمنٌ مثلهم، لكني مدمن مشي..احب المشي، واحب امشي واراقب افكاري وخواطري اثناء المشي ،وهي تتداعى وتتدفق على وقع وايقاع موسيقى خطواتي.
لكن لاتعتقدوا بأنني امشي مظطراً،او بهدف الرياضه،او لان طبيباً نصحني بالمشي لاحرق الدهون.
ابدا،انا امشي فقط لانني اجد في المشي متعتي واجد فيه هويتي وحقيقتي ، ولانني بالمشي اكون قريبا من نفسي ، قريبا من الناس ،قريبا من الله ومن العالم.
اما عندما قال لي الطبيب – في مستشفى قصر العيني في القاهرة قبل عامين – بأن الكولوسترول لدي مرتفع، وان علي ان احرقه بالمشي ، انزعجت – من نصيحته لامن الكولوسترول – وقلت بيني ونفسي مُعَانِداً – وانا اغادر مكتبه -:
لن امشي بعد اليوم ،ولست جندياً حتى يأمرني احدهم ويقول لي: سريعاً مارش.
ونكاية بالطبيب رحت اتناول والتهم في طعامي وشرابي كل ما يساعد على ارتفاع الكولوسترول.
ولو ان احدكم سألني اليوم عن حزبي ،وعن مذهبي وعقيدتي لكان جوابي: المشي.
نعم ،المشي هو حزبي، وهو مذهبي اليومي وعقيدتي اليوميه.
يوميا امشي ، واليوم الذي لاامشي فيه هو اسوأ يوم عندي . فيه يكون مزاجي عكِراً، ضحلاً، يميل الى الاكتئاب، وذهني مشوشاً، وعواطفي بارده، وجسدي كسول،وعقلي متعب ،ومعنوياتي منخفضه، وقدرتي على التركيز محدودة، وإحساسي بحريتي اضعف مماهو عليه في العادة، وفيه اكون مثل هاتفي الجوال عندما يكون غير مشحون.
وبمعنى آخر ،اكون يومها مثل نهر توقف عن الجريان ..ولكم ان تتخيلوا معي كيف هي حياة نهر فقد القدرة عن التدفق وتوقف عن الجريان!
انه يكون عذباً ،صافياً، نقياً، خفيفاً، مرحاً، ضحوكاً،لعوباً، محباً ومتسامحاً وبريئاً مثل طفل..فإذا ما توقف عن الجريان تملّكهُ شعورٌ بالركود وبالضحاله.
وهكذا انا، عندما اتوقف عن المشي.. يتملكني شعور بالركود وبالضحاله.
قبل ايام سألني احدهم قائلا: لم نعد نراك تمشي يارازحي.. هل اقلعت عن المشي؟
قلت:كلا،لكني هذه الايام ، وفي هذا المنعطف الثوري افضل ان لا اظهر ماشياً، واحرص كل الحرص على ان لايراني احد من الحكام الجدد وانا امشي .
قال – مستغربا ومندهشا-: لماذا؟ ماهو السبب؟
قلت : حكام العهد البائد كانوا اذا عرفوا او اكتشفوا خُزْقاً اكسب منه رزقي ورزق اولادي،بعرق جبيني حسدوني عليه، وبذلوا جهدهم لسدِّهِ واغلاقه.
اما حكام العهد الثوري فهم حزبيون وعقائديون وثوريون يحسدون ويكفرون ويخونون ويخوزقون من قبل صعودهم الي السلطه.
وهم عندما يرونك – من فوق سياراتهم الجديدة الفارهه- صحيحاً ومتعافياً، تمشي وتخبط الشوارع والارصفة بقدميك.. لن يكتفوا بالحسد وحده، وانما سيكفروك ويخونوك ويخوزقوك.

من حائط الكاتب على موقع التواصل الاجتماعي

زر الذهاب إلى الأعلى