فضاء حر

عن “السيادة” التي تقتل الانسان و “التحرير” الذي يقتل الوطن

يمنات
عندما دخلت القوات الأمريكية افغانستان في 2001 لم يخرج لها المواطنون الافغان بالسلاح لمقاومتها ودحرها. لكنهم خرجوا لاستقبالها فرحين بعد ان أسقطت نظام طالبان الذي مارس قمعا جعل المواطن الافغاني مستعدا للترحيب بأقبح الغزاة للخلاص من السعير الطالباني.
وعندما دخلت القوات الأمريكية العراق في 2003 لم يخرج العراقيون لمقاومتها بالكلاشينكوف وانما خرجوا لاستقبالها بالهتافات مرحبين بالمحتل الذي خلصهم من نظام عسكري بوليسي دمر المجتمع بمغامراته العسكرية خلال 4 عقود.
وهذا نفس ما حصل عندما رحب الليبيون بقصف الناتو للنظام الذي حمی جنون ومجون القذافي وعائلته.
هناك لحظة فاصلة في حياة المجتمعات تجعل قدرتها علی المقاومة الذاتية تنهار ويتحول الترحيب بالغزو الخارجي من “المستحيل الوطني” الی “الممكن سياسي”.
ليست البلدان دائما “مقبرة للغزاة”. فعندما يكون هناك طغيان داخلي، وعندما يتحول هذا الطغيان الی احتلال داخلي تقوم فيه الاقلية المسلحة بالقتل والتنكيل وتدمير المجتمع لا يصبح للهوية معنی ولا تصبح للمقاومة قيمة. بل ان المقاومة قد تعد مساهمة في استمرار المحتل الداخلي في طغيانه وعنجهيته.
بل ان الاحتلال الداخلي يتوسع في عمليات القتل والتنكيل بالمواطن في حالات الغزو الخارجي مستخدما شعار الرد علی العدوان ذريعة لمزيد من القتل والتنكيل بالداخل. وكلما كان المحتل الداخلي عاجزا عن الرد علی عدوان الخارج كلما اتجهت رصاصاته للمزيد من الرؤوس في الداخل.
يتحالف الاحتلال الداخلي والغزو الخارجي في تدمير الهوية والثوابت الوطنية. اما المجتمع المفكك جراء الاحتراب والاستبداد الداخلي فلا يری نفسه الا بين بديلين: الترحيب ب”السيادة التي تقتل الإنسان” مفضلين الموت برصاص الداخل علی الموت بصواريخ الخارج، او الترحيب ب”التحريرالذي يدمر الوطن والهوية” مفضلين المحتل الخارجي علی القاتل الداخلي.
ويبقی الحل في البديل الوطني الذي لا يقتل الانسان باسم الشأن الداخلي ولا يستدعي غزو وتنكيل وفظاعات الخارج باسم التحرير.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى