فضاء حر

اساسيات نجاح الإعلام

 

يمنات

سألني أحدهم – متحسرا – لماذا لا نجد إعلام "المؤتمر الشعبي العام" إعلاما ناجحا في وقت أن الأعلام المعادي سواء كان ل"عصابة بني إخوان" أو إعلام الجزيرة أو أي إعلام معادي ناجح جدا وله تأثير شديد على الوسط اليمني والعربي والعالمي ,,, رغم أن كلاهما يمتلك الإمكانيات المادية والبشرية ,,, ؟؟

,, بالفعل ,,, سؤال وجيه ومحكم ورائع ويضع الكثير من النقاط على الكثير من الحروف المبهمة ,,, لماذا إعلام عصابة بني إخوان وإعلام الجزيرة ناجح وهناك إعلام غير ناجح ,,, فلو تعمقنا قليلا في الأمر سنجد أن هناك عدة أسباب جعلت من هذا الإعلام غير ناجح وهذا ناجح ومقياس النجاح في الوسط الإعلامي تأثيره على الناس والمجتمعات وتداول أخبارهم والحديث عنهم وعما تبثه هذه المنظومة الإعلامية وليس المعيار المصداقية والشفافية والحقيقة لأننا في عصر أبعد ما يكون عن الحقيقة ,,, فالإعلام الناجح في عصرنا هذا يجب عليه أن يركز اهتماماته على الاهتمامات النفسية والفكرية للعقل البشري وماذا يريد وبماذا يتفاعل وعماذا يبحث ,,, فعندما نجد إجابات لهذه التساؤلات ونركز الضوء عليها فستنجح المنظومة الإعلامية لهذه الجهة أو لتلك ,,, فالعقل البشري دائما ما يؤثر فيه أعمال الدمار والخراب من حروب وقتال ومواجهات تسيل خلالها الدماء أنهارا لأن الدم يجعل الأمر أكثر تشويقا ,,,, العقل البشري يهتم ويفرح بالخرافة والخيال ويُعجب بمن يكذب عليه ويدلس عليه ويتعامل معه كما يتعامل الآباء مع أطفالهم ,,, العقل البشري يهتم ويتفاعل مع أمور الجنس وفضائحها ومن ينقلها ويظهرها وينشرها قبل أن يرجع بعضهم ينتقدها ,,, العقل البشري يريد التضليل ويلهث خلفه ويسعى  بيديه وقدميه إليه ,,, العقل البشري يهتم بمن ينقل إليه معاناة الآخر من بني جلدته ,,, العقل البشري يريد آله إعلامية ترضي جميع غرائزه وشهواته ومتطلباته والأشياء التي تجعل من العقل في حالة ثوران وتفاعل حتى ولو كان في عالم الخيال أو عالم الحيوان ,,, من أجل ذلك أوجد لنا الآخرون آله إعلامية ارتكزت على هذه المتطلبات والرؤى  والتي أشعلوها في الوسط العربي ويتربع على رأسها "الجزيرة" والتي كانت بدايتها مثيرة للقلق والشكوك واستمرت في هذا النهج حتى زُرع اختيارا أو إجبارا في القلوب وجعلت من شعار الصهيونية العالمية(الغاية تبرر الوسيلة" شعارا لها ويأتي بعد ذلك إعلام "بني إخوان" والذي استفاد من هذا المنظور أيما استفادة وجعل من مفاهيم "دينية شاذة" شعارا لهم ك"الحرب خدعة" و "الضرورات تبيح المحظورات" منهاجا لهم ونبراسا في تعاملهم وصراعهم مع الآخر فعندما تتابع إعلامهم المرئي والمسموع والمقروء تدرك أن واضعي الأخبار وناقليها لا يمدون للإنسانية وأديان الإنسانية بأي صله بل أنك تجد ممن لا يدين بديانة ك"الملحدين" أكثر منهم تدينا وتمسكا بمبدأ الأخلاق والتي تلاشت من وجوه هؤلاء ثم تنتقل بك الحسرة إلى من يستمع إليهم ويصدقهم ويتفاعل معهم ويتنفس هواء أخبارهم وإعلامهم ولا ينتهي يومه إلا بعد أن يوجه قبلته إلى هذه الجهات خمس مرات أو أكثر ,,, ومن هنا جاء النجاح ,,,, أخبار مضلله يقابلها عقول عاشقة.

,,, ولكن عندما تبحث عن المصداقية والشفافية وتفتح المجال واسعا أمام الجميع وتنقل الخبر كما هو وتسعى للمهنية فإن الفشل سيكون مرافقا لك أكثر من مرافقة ظلك لك لأن العقل البشري لا يبحث عن الأشياء الكلاسيكية في الحياة لأنه – وفقا لفلسفة العقل البشري – يعيش معها يوميا ويريد التغيير ويعشقه كعشقه لأفلام الخيال والدماء والحروب والأكشن والجنس والإثارة وعليك فقط أن تعلن عن فلمين من الأفلام أحدهما يتحدث عن الحروب والخيال ومحشو حشوا بالأكاذيب والجنس والتضليل والآخر فيلم يحكي واقعة تاريخية صادقة يتم عرضها بكل مصداقية بعيدا عن الإضافات التي تؤثر في العقل البشري كالسرد الطبيعي للأحداث فإنك ستجد الطوابير مزدحمة أمام بوابة الفيلم هذا وأمام القناة التي ستبثه ولكنك ربما لن تجد أحدا أمام البوابة الأخرى ,,, ومن هنا جاءت نجاح هذا وفشل هذا ,,, وإن كنت تبحث عن صناعة إعلام قوي ومؤثر فلا تنسى أن تطلع على جزئيات مقالي هذا كي تمهد لك الطريق لإنشاء منظومة إعلامية لا تقل خطورة وتضليل وسقوط وكذب عن منظومة إعلام الجزيرة وإعلام عصابة بني إخوان وإلا فعليك أن تعدل مسار عملك الإعلامي إلى مسار آخر بعيد كل البعد عن الإعلام ,,,

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى