فضاء حر

شبح الاستعمار الجديد يتراءى خلف الربيع العربي

يمنات 

هل هناك تحالف غريب وعجيب بين العواصم الغربية من جهة وحركات الاسلام السياسي من جهة اخرى.

هل تم تدجينهم وتطويعهم لما لهم من ثقل سياسي، وان المرور بمركز الامبراطورية العالمية اجباري لمن يريد ان يحتل مسئولية عليا في بلاده.

 وقد اعطيت الاوامر للسفراء والغربيين في بلدان الربيع العربي لكي يستقبلوا قادة الاخوان المسلمين متى شاءوا، أو لكي يزوروهم في مكاتبهم ومقراتهم واصبحت العلاقة بين الطرفين احلى من العسل.

 ولم يعد وزراء خارجية الغرب يحلفون الا باسم الاخوان المسلمين واصبحوا يشيدون ليلا نهار بمزايا " الاسلام المعتدل" .

ووصل الامر بـ"آلان جوبيه" ان قال لقيادات الحركات الاسلامية الذين جمعهم في معهد العالم الغربي بباريس : فاجئونا نفاجئكم !

بمعنى اعتدلوا اكثر فاكثر واستمعوا الى وصايانا تجدون ما يسركم، ان هذا الموقف الجديد يعني حصول متغير جيوسياسي اعظم بالقياس الى كل المراحل السابقة وسوف تترتب على ذلك انعكاسات كبرى لم تستوعب حجمها وضخامتها بعد.

فالولايات المتحدة قررت اعادة ترتيب بيت الشرق الاوسط الكبير بما يتناسب مع مصالحها في المنطقة، وقد استخدمت المخابرات المركزية الامريكية لهذا الغرض عدة منظمات خيرية غير حكومية كواجهة لتحريك الامور من خلف الستار، وتحريك الخيوط، وراحت تتنقل من بلد الى بلد كما لو تم بقدرة قادر، وجعلت قطر تلعب حصان طروادة لصالح الولايات المتحدة واسرائيل، وفرض ايديولوجيا متنافسة بذلك مع السعودية.

وجيشت طاقات الجزيرة والبابا المعصوم يوسف القرضاوي لهذا الغرض فراح يوزع الفتاوى الالاهية يمينا وشمالا، كيفما اتفق وعلى هوى تقلبات السياسة الخارجية القطرية، وقبل الغرب بذلك بشرط ان تظل مصالحه ومصالح ربيبته مضمونه.

وهكذا تم الاتفاق على الصفقة وكل واحد من الطرفين رابح، وبالتالي فهذا الربيع القطري السعودي الامريكي ليس هو الربيع الحقيقي الديمقراطي الذي تنتظره الشعوب العربية منذ عقود. او قل كان مستهلا ولكنهم صادروه وحرفوه عن مساره الصحيح الاولي.

ووقع الشباب السذج في الفخ واكبر دليل على ذلك ان الشباب الذين قاموا بالثورة خرجوا منها بخفي حنين، ولاحت القوى السلفية والاخوانية الظلامية، التي راحت من تحت انوفهم تقطف ثمار ثورتهم وربيعهم وتضحيات كل الشهداء الذين سقطوا.

فلماذا اعاد الغرب القوى الاصولية من جديد ونفخ فيها الروح فأخذت تتفرعن وتسيطر وتهدد وتكتسح الساحة انتخابيا ؟.

لماذا اجهض الحلم الديمقراطي العربي وأفرغه من محتواه واعطاه كهدية لأعداء الحرية والديمقراطية وكل الفلسفة الانسانية الحديثة؟

 

ماذا يريد الغرب

هل يريد ان يظل العرب خارج التاريخ يتخبطون في غياهب القرون الوسطى والحروب الطائفية المذهبية ؟

 هل يريد ان يشغلهم بالتوافه والثانويات كلبس الحجاب ومنع الاختلاط وتطبيق الحدود وتعدد الزوجات لكي يتأخر دخولهم الى ميدان الحضارة؟

هل يريد لهم ان ينتقلوا من ديكتاتورية عسكرية الى ديكتاتورية لاهوتية اشد وادهى؟ هل يعجبهم ان يظلوا حيث هم في مستنقع تخلفهم ؟

علاوة على ذلك  سأقول ما يلي:

وراء هذا الكرنفال الديمقراطي الكبير الممتد من المحيط الى الخليج شبح مشروع الاستعمار الجديد.

هناك تحالف يتم تجميعه وحشده الان لسحق آخر معاقل المقاومة العربية ولعزل ايران التي اصبحت قوة اقليمية عظمى مزعجة للكثيرين، بما يتمثل المشروع الاستعماري الجديد.

ماهي الادوات التي سيستخدمها لتحقيق هدفه ؟

انه يحاول بعث النزاع المذهبي المفتعل بين السلفية والشيعة، كما يحاول اللعب على وتر الصراع التاريخي بين الامبراطورية الفارسية والامبراطورية العثمانية.

 وبعد ذلك كله يريد ان يضع كل الانظمة الاخوانية العربية التي خرجت وستخرج من صناديق الاقتراع تحت مظلة اردوغان والهيمنة التركية لماذا؟

لأن القائد التركي لا يتمرد على الأوامر مثل الايرانيين واكبر دليل عل ذلك هو انه  اذعن  لنشر شبكة الدرع الصاروخية الامريكية على اراضيه.

وعليه ينبغي أن يعلم العرب أن هناك ما هو أخطر من الديكتاتورية، الفوضى الشاملة بعد انهيار الدولة، وما هو أخطر من الفوضى الشاملة الحرب الأهلية، وما هو أخطر من الحرب الأهلية عودة الاستعمار. 

زر الذهاب إلى الأعلى