فضاء حر

عن حوار وطني بسبب هزيل: ما البديل؟!

يمنات

يبدو سؤال "ما هو البديل؟" مجرد ابتزاز عار يتم إشهاره بخفة من قبل المشاركين في الحوار الوطني والمدافعين عنه, وهنا يبدو الأمر مجرد عملية تسجيل نقاط ضد المعترضين, أكثر من كونه إفصاحاً عن امتلاكهم هم الرؤية التي تسند أسباب المشاركة خارج فكرة مطاطة مثل كون الحوار الخيار الأخير, وذلك في ظل حوار مصمم بحيث يصبح "المستقلون" فيه فائضاً على هامش مصالح الأقوياء وكتلهم, ويتواجدون بخيارات قليلة, وحيث سيؤدي عدم وجود بيئة سوية للحوار وسياق ضامن لنجاحه وتمثيل محترم ونزيه للأطراف فيه, الى مآلات كارثية ليس أقلها أن يخسر الناس أملهم الأخير, بعد أن تم رهن كل شيء الى حوار لم يُحضر له بشكل محترم.

شخصياً أكره التنظير الذي يريد إمساك العصى من النصف لإبداء العقلانية, وبسبب هذا السقف المنخفض دوما ضمن نظرية "الممكن" و"الحاصل" و"مافيش بديل", تم دوما تمرير أسوأ الصفقات في تاريخ هذه البلاد, حيث مراكز القوى ذاتها هي من تمسك بطل ذلك "الممكن" و"الحاصل" و"الخيار الوحيد", وهي دوما تستعين بهذا المنطق الذرائعي الهزيل والمريح.

إن ضعف الخيارات لا يعني الانخراط "القطيعي" في الخيار الأسوأ باعتبار وفرته, وبالتأكيد فإن البديل, في حده الأدنى, هو موقف محترم وضاغط في مواجهة رئيس يخل بكل مسؤولياته, ويعبث بفرص هذه البلاد, ويعيد إنتاج أسوأ ما انتفض اليمنيون ضد من ممارسات, بما فيها مسؤولية التهيئة للحوار التي قاومها شخصيا وتواطأت معه في ذلك الأحزاب وأعضاء اللجنة الفنية للحوار, وضمان عدم تسلطه على مؤتمر الحوار هو وكل مراكز القوى صاحبة التمثيل الأعلى فيه, علاوة على الضغط على دولة لا تقوم بالحد الأدنى من واجباتها تجاه مواطنيها, وكما يبدو فإنها تحيل كل مسؤولياتها, هي والرئيس, الى حوار لا يفترض به منطقاً أن ينوب عنها.

إن من استطاع صناعة هذا الوضع الرديء, وقلص الخيارات والبدائل بإدراك كامل, يستطيع تغييره إذا أراد, بدل حشر الناس في الزاوية, وإكراههم على القبول به.

بالتأكيد ليس البديل هو هذا التكريس الجماعي للرداءة باعتباره هذا الخيار الاضطراري الوحيد, وعدم توفر سواه, ولاحقا هجاء رافضي ذلك كغير واقعيين و"كربلائيين" و"مزاودين" والذي منه.

وصدقا لا شيء محزن أيضاً فيه هذه الأوصاف, وربما نحن نستحقها قليلا أو كثيراً, وكُلفها في الأخير لا تدفع من مستقبل البلدان إن أخطأ أصحابها التقدير.

ربما هذه البلاد تحتاج القليل من الغضب والغاضبين, وبعض المواقف المحترمة بسقف مرتفع خارج إجماعات المضطرين الهزيلة, فقد امتلأ قلبها دوماً بالتبريرات والقرف من هذا السؤال "العدمي": ما البديل!

عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى