فضاء حر

اليمن كحاصل جمع لتاريخ مُكرر من الحوارات!

يمنات

يبدو تاريخ اليمن الحديث, على الأقل الخمسين عام الأخيرة, حاصل جمع حوارات "وطنية" كانت جميعها الفرصة الأخيرة أمام البلد, ورغم ذلك تمضي البلد بأثقالها المحزنة وتعاود اختبار دورات الدم باستمرار. ولا تبدو كل هذه النخب "الحديثة" سوى الشريك الباهت, والمضافة كـ "محلل", في قسمة الأقوياء التي تتخفى تحت عباءة الحوارات الممتدة.

ليس هذا رثاء مبكراً للحوار الوطني الذي يبدو وجه الرئيس الغاضب في افتتاحه ملمحاً كاشفاً عن أدائه في المؤتمر, وعن عدم قدرته على التمييز بين كونه رئيس الجمهورية ورئيس مؤتمر الحوار, خصوصاً مع كل السلطات الاستثنائية المخولة له في مواجهة المؤتمرين إذا اختلفوا, وإذا شط أحدهم عن ما سيظنه عدم لياقه في مواجهته كرئيس "مدبل" في هذه الحالة.

ندشن إذاً مسيرة جديدة من الحالة الأبرز والأكثر تكراراً في تجربة اليمن الحديثة وهي الحوار. وكالعادة تبدو القدرة على تبديد الفرص في الحوار أكثر من القدرة على الاستفادة منها, ولكم يبدو جلياً كيف كانت الفرصة متاحة في الحضير لهذا المؤتمر لضمان الحدود الدنيا من النجاح, لتأتي خسارة ذلك حاصل انخفاض سقف الجميع, وهذا الانقسام الذي يدشنه المؤتمر وطنيا. وهكذا يذهب الجميع عرضة لابتزاز فكرة أنه "الفرصة الأخيرة" وألا خيار دونه سوى الحرب, وهكذا يمضى الجميع تحت إكراه الخوف كوسيلة للتحايل على قدر الاقتتال اليمني كما يروج له, وليس للاطمئنان لأهميته, وما يمكن أن يضمنه من حلول فعلية لبلد أنهكه تسلط أدوات مراكز القوى المتوغلة في حياتنا, وحيث ذاتهم ممثليها الذين تحاوروا في الستينات على إنجاز التسويات بينهم, يعاودون الحوار مرة اخرى في بداية القرن الواحد والعشرين, كأنما الزمن توقف في هذا البلد ولم يتحرك.

عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى