فضاء حر

الجوف بين طمع الغريب وظلم القريب

يمنات

صدام حسين عُمير

الجوف هي احدى محافظات الجمهورية اليمنية، وتقع الى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها مسافة تقدر بحوالي 143كم و تقدر مساحتها الاجمالية 39,496 كم مربع، و تشغل حوالى 7% من مساحة الجمهورية اليمنية. يبلغ تعداد سكانها حوالى 532,000 نسمة يتوزعون في 12مديرية على شكل تجمعات سكانية متناثرة و بكثافة سكانية توازي 11 شخص في كل كم مربع.

على ارض هذه المحافظة نشأت دولة معين و التي تعتبر من اقدم الممالك  اليمنية القديمة، و كانت براقش عاصمتها السياسية الاولى و التي تحولت فيما بعد الى العاصمة الدينية بعد ان اصبحت “قرناو” عاصمتها السياسية و يشتغل معظم سكان المحافظة في المجال الزراعي وتربية الحيوانات. و تعد المحافظة اقليما زراعيا بحتا و ذلك لخصوبة تربتها و ارتفاع  نسبة المياه الجوفية فيها.

و منذ قيام ثورة سبتمبر الأم عام 62 إلى يومنا هذا، كانت و مازالت النخب الحاكمة في صنعاء تنظر إلى الجوف على أنها مجرد ارض و صحاري ليست لها اهمية، و لا تعير للبشر القاطنين فيها أدنى اهتمام.

استبشر ابناء الجوف كغيرهم من ابناء اليمن بالحركة التصحيحية التي قادها الشهيد الحمدي في سبعينيات القرن الماضي لعلها تعمل ما عجز عنه السابقين لكن يد العمالة للنظام السعودي تمكنت من وأد مشروع الدولة المدنية في مهده، عندما تمكنت السعودية من بسط نفوذها على ما كان يسمى اليمن الشمالي و اعتباره كحديقة خلفية لها.

بدأ النفوذ السعودي ينتشر في اليمن الشمالي سابقا كالسرطان وكانت محافظة الجوف اكثر المحافظات تأثرا من ذلك النفوذ، و لمعرفة النظام السعودي بما يحتويه جوفها من خيرات و نظرا لأطماع النظام السعودي التوسعية فقد كانت لديه النية في قضم اراضي محافظة الجوف وضمها الى مملكته.

عمد النظام السعودي الى اساليب وخطط تمكنه من السيطرة على الجوف وبمساعدة اعوانه وعباد ماله في نظام صنعاء او من مرتزقته من ابناء الجوف نفسها، وقد يكون عملائه يدرون او لا يدرون بمخططاته. و كل ما يهمهم في الامر هو ماله.

و من اهم تلك الاساليب الخبيثة المتخذة ضد الجوف انسان و أرض من قبل النظام السعودي و عملائه و مرتزقة داخل النظام اليمني ما يلي:

– بث التفرقة والكراهية بين ابناء المحافظة بإشعال الحروب العبثية بين القبائل، و بالتالي وصول ابناءها الى قناعة بعدم قبول اي منهم  لإدارة محافظتهم  والقبول بأخر من خارجها.                                                          

– اهمال المحافظة من جميع مقومات الحياة كالبنى التحتية الحقيقية.

–  تجهيل   ممنهج لأبناء المحافظة عن طريق تدمير التعليم العام فيها و جعلها مرتع للغش بحيث تكون الحصيلة جيل فاشل لا يستطيع خدمة محافظته.                                                                                                         

-عدم انشاء جامعة حكومية او حتى فرع لإحدى الكليات والذي من شأنه حرمان من لديه الرغبة لمواصلة تعليمه الجامعي، خصوصا من لم تمكنهم مقدراتهم المالية على الدراسة في مدن يمنية بها جامعات او فروع لكليات.

– منع الشركات النفطية من التنقيب عن النفط والغاز حتى لا يستفيد ابناء المحافظة، خاصه واليمن عامة من ذلك.

– عدم فتح منفذ حدودي  حتى لا يستفيد ابناء المحافظة من عوائده الجمركية وغيرها.  

-افراغ المحافظة من اي معالم اثرية كبراقش المعلم الاثري المشهور للدولة المعينية التي قامت على ارض  الجوف فتم ضمها اداريا ضمن محافظة مأرب بالرغم من قربها لمديرية الحزم عاصمة محافظة الجوف.

– المساعدة في تشويه سمعة ابناء المحافظة و تسهيل كل ما من شأنه تحقيق ذلك الغرض بحيث تكون الجوف مأوى لجرائم القتل والتقطع والسرقة.

و النظام السعودي ومرتزقة داخل اليمن عند تطبيقهم لتلك الخطط والاساليب تجاه ابناء الجوف توهموا بأنهم سوف يصنعوا قطيعة بين الشعب اليمني وابناء الجوف، بحيث أنه عندما تقدم السعودية على احتلال الجوف وضمه اليها لن يهتم بذلك بقية ابناء اليمن، وذلك لعدم اهميته الجوف وابناءها بالنسبة لهم، و انما هم عبء يثقل كاهلهم. لكن مكرهم وخططهم تبخرت بسبب ثورة فبراير 2011 تلك الثورة التي هب فيها الشعب اليمني بجميع فئاته الى ساحات الحرية. و كان ابناء الجوف الاحرار في مقدمه الصفوف الثائرة والمطالبة بالتغيير و زوال الظلم والخروج من تحت الوصاية السعودية، لكن تم التآمر عليها وتحويلها الى ازمة سياسية، و تم تقاسم السلطة.

و لكن استطاعت  تلك الثورة ان تعمل شرخ في جسد النظام الحاكم، وعليه كان لابد من ثورة اخرى فكانت ثورة 21 من سبتمبر 2014 لتقضي على ما تبقي من نفوذ وهيمنة سعودية في اليمن. هذه الثورة كـ”سابقتها” هب فيها ابناء اليمن الاحرار بما فيهم ابناء الجوف  المظلومين الى ساحات الاعتصام والحرية لمقارعة الظلم. و بحمد الله نجحت الثورة وتم الخروج من تحت الوصاية السعودية الى الابد. وعندها قرر النظام السعودي و بدعم وتخطيط امريكي شن عدوان على اليمن للقضاء على القوى الوطنية الرافضة للهيمنة السعودية واعادة اليمن تحت الوصاية والتحكم في مصير شعبه، لكن بقوة الله وتوفيقه وبقوة و عزم اليمنيين وصمودهم واندفاعهم الى الجبهات للدفاع عن وطنهم، و الذي كان لأبناء محافظة الجوف شرف ذلك كغيرهم من ابناء اليمن الاحرار و قدموا مئات من الشهداء والجرحى والاسرى من خيرة ابناءهم.

كل ذلك من اجل ينعم اليمن كل اليمن بخيرات بما فيها محافظة الجوف المظلومة و المنسية والمقصي ابناءها و الطامع فيها الغريب والظالم لها القريب.

قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى