فضاء حر

زيارة للمحامي الكبير الأستاذ أحمد الوادعي

يمنات

حسن الدولة

الوفاء من أعظم وأروع واجمل الصفات التي يتحلى بها الإنسان، وفي اليمن هناك ثلة من الرجال الأوفياء، منهم القاضي العلامة الجليل عبدالعزيز البغدادي، ونجله النبيل القاضي الأستاذ مراد عبدالعزيز البغدادي، والمجاهد البرلماني الشجاع القاضي احمد سيف حاشد، والمحامي القدير نجيب الحاج، والمثقف الأستاذ نبيل الحسام، وقد كان سيصاحبنا في هذه الزيارة كل من الأستاذ المناضل الكبير عبدالباري طاهر والأستاذ احمدناجي احمد النبهاني، والأستاذ يحيى ابواصبع، والقاضي عبدالوهاب قطران، والأستاذ عبدالرحمن بجاش، ولأسباب خاصة بكل منهم تعذر مشاركتهم في هذه الزيارة للأستاذ القدير والباحث القانوني احد رجال القانون الذين يعدون بأصابع اليد على مستوى اليمن كله الأستاذ احمد علي الوادعي، الذي تعرض لمرض فقدان الذاكرة، وما خاطره من مرض يتعرض له كبار السن بسبب اضراب في الدماغ، فالذاكرة التي تشعرنا بأننا على قيد الحياة، وتشعرنا بالراحة والإطمئنان مع محيطنا وأشدها الى زيارة الاهل والأصدقاء، فبالذاكرة نتمكن من ربط الماضي بالحاضر ، والتخطيط للمستقبل.

فكم كان حزننا الشديد على أستاذنا القدير المثقف العضوي، احمد الوادعي الذي هجم عليه هذا المرض، وهو الذي يمتلك ذاكرة حديدية وحفاظة للشعر ، وهو من أهم المثقفين في اليمن ومن المناضلين الذين شاركوا في فك حصار السبعين يوما مع زملائه جار الله عمر ومحمد عبدالسلام منصور والفريق عبدالملك السياني واخرين وقد كان ممن شارك في المظاهرة التي خرجت بعد أن اعلن الاستاذ النعمان استقالته من رئاسة الحكومة واعلانه افلاس الدولة وسجن بسبب مشاركته تلك مع الأستاذ المناضل الكبير يحيى محمد الشامي مد الله بعمره، وقد كانت قضيته هي اصلاح القضاء شأنه شأن القاضي عبدالعزيز البغدادي مد الله بعمره، وقد انزل اول كتيب إرشادي للمواطنين وتعريفهم بحقوقهم القانونية، و أثار ذلك الكتيب سخط النظام السابق.

الاستاذ احمد أثرى المكتبة اليمنية في مجال القانون بأبحاثه العلمية التي تعتبر في غاية الفرادة في موضوعاتها، وقد اخبرني أحد قضاة المحكمة العليا أنهم كانوا ينتظرون مرافعاته لأنهم كانوا يعتبرونها بحثا في مجال المرافعات نظرا لغزارة علمه وطريقة عرضه ووضوح بيانه وقوة حجته، وقدرته الفائقة في الكتابة، وقد سمعت ذات يوم الأستاذ البردوني رحمة الله تغشاه يقول لي انه يحرص على قراءة اي مقال ينزل للأستاذ احمد، معتبرا إياه مدرسة جديدة في فن الكتابة، وقد ساعد الأستاذ احمد في ذلك انه كان ناقدا ادبيا ومثقفا عضويا ويمتلك ناصية الكلمة.

هذا الانسان الذي كنا نستوحي منه الفكر ونسائهم المعرفة، أصبح اليوم لا يعرف احدا حتى اقرب الناس إليه، فقد حاولت ان أذكره بأسماء رؤساء اليمن وادبائه وشعرائه بل وأصدقائه المقربين، فذكرت له اسم الدكتور ياسين سعيد نعمان، والدكتور عبد العزيز المقالح والأستاذ البردوني والأستاذ محمد عبدالسلام منصور والشهيد جار الله عمر والأستاذ علي مقبل غثيم والاستاذ احمد جابر عفيف والقاضي علي ابو الرجال واخرين؛ فلم يعد يتذكر أحدا منهم، فترقرقت دموع الحزن في مقلتاي، التي اختلطت بدموع المرح من خلال تعليقاته على كل اسم أذكره له وتخلل تلك الجلسة دموع المرح واختلاط بدموع الحزن، لكننا في نفس الوقت سعدنا كثيرا جدا بإهتمام زوجته الفاضلة وبناته الفاضلات به والعناية الفائقة بهذه القامة السامقة كان الله في عونهن وبارك الله في النساء من أمثالهن، وكان الله في عونهن.

زر الذهاب إلى الأعلى