فضاء حر

صنعاء مدينة الجمال والفن

يمنات

حسن الدولة

إلى الصديق العزيز المستشار احمد علي محمد جحاف المثقف العضوي والكاتب الحر صاحب الحلم الجميل والقلم الرشيق.

كان قَدرُ صنعاء أن تتحمل تبعات ثقلها ومكانتها ودورها المركزي خلال العامين المنصرمين، حيثُ مثلت المركز الأكثر احتداما وتفجراً لكونها الحاضن الأكبر للقوى والنخب الفاعلة بتعدد اتجاهاتها وهو ما جعل حالة التدافع على أشدها، فتحولت إلى ساحات صراع واشتباك واحتراب، وهو ما أحدث الكثير من الدمار والخراب والجراح العميقة الغائرة في جسد المدينة وروحها .

إن أسوأ ما تفعله الصراعات والحروب بالمدائن هو استهداف جوهرها، قتل روحها، نسف طاقة الحب فيها، خنق ذائقتها الجمالية تحت دخان الحرائق وضرب كل بواعث الأمن والسكينة وإغراقها في بحر الفوضى والدمامة وتحويلها إلى مسرح دائم للرعب والشرور والنقمة., غير أن صنعاء رغم كل شئ تحمل أبداً في أعماقها الكثير مما يعين على تجاوز شروخ الزمن.صنعاء بعراقتها وأصالتها ورمزيتها التاريخية وأسرارها قادرة على مدنا بمخزون هائل من الطاقة لإحداث فرق كبير على صعيد الجوهر والمظهر.

من المهم استنفار روح التحدي والإصرار على الحياة في قلب صنعاء وإعادة صنع حالة من اليقظة الملهمة من خلال استنطاق ذاكرة المدينة التي قاومت الأزمنة وعبرت كل الصراعات والحروب دون أن تتصدع أو تندثر ودون أن تفقد جمالها الخاص، ظلت صنعاء عصية على الزوال، تنكسر على صدرها الحوادث والخطوب وهي واقفة متحدية، حاضنة عشق وجمال، مدينة جامعة ترى فيها اليمن صورتها البهية. إن نظافة صنعاء ما لم تبدأ بحملة من داخل الروح بتحريك الحس الحضاري والجمالي، ستظل إجراءً سطحياً محدود الأثر والتأثير.

من المهم أن نشرع جميعاً في كنس الأدواء والشرور التي أخذت تتراكم في الأعماق، أن نبدأ في حملة وطنية جادة وصادقة لترميم تصدعات العقل والوجدان ومعالجة ما لحق بالضمير من التشوهات، ثمة رمزيات جامعة لصنعاء يجب استدعاؤها في هذه المهمة الجليلة، نملك مخزوناً هائلاً من الروح والحكمة والحب وكل ما يكفي لنواجه كل مظاهر العنف والسلاح والإنفلاتات التي تسمم حياتنا .وتفسد فضاء المدينة تحتاج وعلى نحو ملح إعادة بناء وتشييد ما تخرب من الحس الجمالي الخاص والعام، والدفع بكل ما تنطوي عليه المدينة من مخزون الصحة والعافية والرهافة والحب والوداعة والسلام وكل ما لها من قوى دافعة هادية ومربية لصنع إنتباهة فارقة وحالة جديدة مجاوزة يستجيب فيها السلوك لبواعث الروح ويتلازم فيها التغيير ما بين الداخل والخارج .

هناك من يحاول استغلال مرحلة التحول هذه لتوسيع الشروخ وإذكاء الصراعات ونشر الفوضى واستهداف الأمن العام وتشويه صورة المدينة أكثر هذا مع ضمور ملحوظ في الحس الجمالي وتراجع الاهتمام العام بالنظافة والانضباط في السير وحركة المرور وعدم التقيد بالسلوكيات الحضارية وتسويغ المخالفات والتعايش مع الأخطاء والتجاوزات واتخاذ الأوضاع التي خلفتها السنتان المنصرمتان مبرراً للمزيد من التنصل وعدم الالتزام.. نحتاج بلورة خطاب إعلامي وثقافي واجتماعي يؤسس لوعي جديد وحس مشترك يؤكد على مسؤولية الجميع في التغيير والبناء والعمل من اجل ترسيخ القيم والسلوكيات المدنية والحضارية و حشد المثقفين.

-الصحفيين .الأدباء .الكتاب .الإعلاميين الفنانين .السياسيين .الأندية الرياضية ومنظمات المجتمع المدني لأداء دور فاعل في هذا الاتجاه.من المهم التأكيد على أنسنة المدينة واستدعاء كل رمزياتها الحضارية والمدنية الوحيدة التي تعتبر مدينة كل يمني؛ فلا تتميز بخص صية معينة فاهالي صنعاء هو كل يمني يدخلها؛ صنعاء المدينة التي حوت كل فن؛ الثقافية ,الأدبية ,الفنية ,التاريخية والحضارية ومواريثها الإنسانية الجامعة وبناء علاقة إيجابية متينة دافئة وحميمية بين المواطنين ومدينتهم يتأكد فيها الارتباط ويتعمق الشعور بالمسؤولية المشتركة في الحفاظ على أمانة العاصمة آمنة، مستقرة، متعايشة، متآلفة، نظيفة، خالية من التشوهات ومظاهر العنف والفوضى والجريمة والسلوكيات الخاطئة.

في العدد 158 من مجلة تراث الصادرة من الإمارات استوقفني معجب الزهراني الكاتب والأديب السعودي الشهير في “جماليات”يكتب عن صنعاء أخرى يحبها بشغف وافتتان. صنعاء ..

كتب عن صنعاء بحب ومعرفة بطرقها وازقتها ومجالسها وجمال اسواقهة القديمة؛ وفرادة مبانيها ونظافة شوارع مدينته القديمة التي اعتبرها متحف مفتوحا؛ وكسرحا كرنفاليا بديع؛ رأها بعيون أخرى لا يراها كثيرون ممن أفسدت المدنية الحديثة اذواقهم؛ انه يكتب من منطلق فلسفة المكان وعلاقته بالجمال ..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى