فضاء حر

حوار القتلة مع الخونة

يمنات

قبل أن أخوض في التفاصيل حول عنوان المقال، بالتأكيد سألاقي شتم واتهامات ولعن وأقلها سيكون زعل ولكني قررت أن أبوح ببعض مما أكتمه في داخلي من غضب إزاء ما وصلنا إليه من انحطاط بفعل التآمر على ثورة الشباب السلمية، فقد حاولت مراراً أن أغالط نفسي وأصنع انتصارات لهذه الثورة ولكن للأسف كانت الحقائق والشواهد على الأرض وفي حياتنا اليومية تقف عائق أمامي وتصدني، لأعود دون أي انتصار، فكيف لي أن أقول بأن الثورة انتصرت و أسقطت النظام الفاسد بينما أنا اليوم أشاهد وكل الناس الفساد ينخر فينا وقد زاد أكثر من السابق والنظام مازال باق ولم يتغير شيء إلا أن بعض الشخصيات فيه تم نقلها من مكان إلى آخر، والبعض تم ترقيته إلى منصب أعلى فالذي كان قائداً للفرقة أصبح مستشاراً للرئيس والذي كان قائداً للحرس الجمهوري أصبح سفيرا، ومن كان يمدح ليلاً ونهاراً لرأس النظام السابق وألف كتباً فيها من الجمل ما يجعلني أشعر بالعار أنه أصبح اليوم مديراً لمكتب رئيس الجمهورية، بعد أن كان رئيساً لوكالة سبأ في النظام السابق، وآخر كان رئيساً للهيئة العامة للكتاب مدافعاً عن النظام بكل ما يدخر من ثقافة والآن أصبح مستشاراً لرئيس الجمهورية، وكيف لي أن أصدق بأن الثورة حققت أهدافها وخزينة الدولة فارغة، لم يعاد إليها ولا ريال واحد مما تم نهبه ولم يتحاكم قاتل أو محرض على قتل من خرجوا ينشدوا مستقبل أفضل..

فقد سمعتم ذات يوم أن قنوات ووسائل إعلام الثورة ذكرت أسماء من قاموا بالتحريض أو بالدعم أو بقتل الشباب يوم جمعة الكرامة فمنهم الآن من هو باق في منصبة كمحافظ حتى اليوم ومنهم من تم تعيينه محافظاً بعد هذا اليوم، وآخرين يجمعهم فندق موفنبيك مع رفقاء الشهداء والجرحى تحت يافطة الحوار الوطني، يهبرون الملايين سوياً بينما أسر الشهداء وكذلك الجرحى يعانون الأمرين، ويتألمون جوعاً وقهراً، كيف أستطيع أن أقنع ( عتاب ) بأن الثورة انتصرت بينما رأس النظام وكل من عمل معه ومازال إلى هذه اللحظة يعمل معه أو من أنظم إلى الثورة قد حصل على حصانة بحيث لا تستطيع (عتاب) أو (أم أنس ) أو زوجة (عادل الحميقاني) أن ترفع دعوى لمحاكمة القاتل سواء كان محسوب على الثورة أو على النظام السابق، بعد أن صوت ثوار وبلاطجة في مجلس النواب على قانون يحصن القاتل ويحمي أمواله، في الوقت الذي كان الشباب في الساحات خانعون أو مخدرين، فأنا اليوم وعند مشاهدتي لما يجري في فندق خمسة نجوم لا أستطيع أن أصف ما يحدث إلا أنه حوار ما بين القتلة والخونة، وليعذرني الأصدقاء والرفاق عن استخدامي لهذه الألفاظ القاسية، ولكنها قليلة بالمقارنة بحجم التضحيات، فلو أخذت عدد أعضاء مؤتمر الحوار الـ(565) وقمت برصهم على شكل طوابير أو صفوف أو خلطتهم وعجنت فلن تجد بينهم إلا من شارك في قتل الثوار أو من سكت على هذه الجرائم فيما بعد وأغمض عيناه وتناسى ما حدث حتى أصبح لا يكترث بوضع الجرحى أو حال أسر الشهداء وأصبح بعيد لا يفكر في أوضاع الناس المعيشية والأمنية رغم مرور ثلاث سنوات على مفارقته لتلك الوجوه النقية، ففي كل الحالات لن تجد بين هؤلاء إلا قاتل أو خائن و قد ربما تجد بينهم مالا يتعدى عدد أصابع اليد تستطيع أن تبرئهم من هذه الخصلتين وأن الظروف أو الأمر الواقع أوصلهم إلى هذا المكان بهذه الوضعية وبالأخير لا أستطيع أن أقنع نفسي أن الثورة قد انتصرت وأنا أشاهد الشباب يقتلون بالشوارع وبدم بارد بدون إي ذنب اقترفوه إلا أنهم تحركوا بسيارتهم بجانب موكب عرس لأحد المشائخ، وأكثر ما يجعلني أتأسى على هذه الثورة أن من يحكم اليمن لا يستطيع أن يصدر أي أمر إلا بعد أن تأمره أمريكا أو إي دولة من دول الخليج، ومع كل هذا سأحاول أن أقنع نفسي أن الثورة ستنتصر مهما واجهتها من أعاصير لأن القاتل والخائن دائماً ضعيف ومصيره معروف مهما سمحت له الظروف بالتهرب عن العقاب ومهما كان صميل الخارج قوي.

زر الذهاب إلى الأعلى